وقوله: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} قال جماعة المفسرين وأهل المعاني: هو كناية عن الله تعالى (¬1). أي (¬2): الله تعالى سماكم المسلمين قبل إنزال القرآن في الكتب التي أنزلت قبله.
وقال مقاتل بن حيان: {مِنْ قَبْلِ} وهو يعني [في أم الكتاب (¬3). {وَفِي هَذَا} قالوا (¬4): يعني القرآن.
وقال ابن زيد: هو كناية عن إبراهيم (¬5).
¬__________
(¬1) انظر الطبري 17/ 207 - 208، الثعلبي 3/ 57 ب، ابن كثير 3/ 236 "الدر المنثور" 6/ 80 - 81، "معاني القرآن" للفراء 2/ 231، "معاني القرآن" للزجاج 3/ 440.
(¬2) في (ظ): (أن).
(¬3) ذكره ابن الجوزي 5/ 457 ولم ينسبه لأحد.
(¬4) قالوا: يعني جماعة المفسرين وأهل المعاني. وانظر فقرة (3).
(¬5) ذكره الثعلبي 3/ 57 ب، ورواه الطبري 17/ 208، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 81 وعزاه لابن أبي حاتم.
قال الطبري 17/ 208: ولا وجه لما قال ابن زيد من ذلك؛ لأنه معلوم أن إبراهيم لم يُسم أمة محمد مسلمين في القرآن؛ لأن القرآن أُنزل من بعده بدهر طويل، وقد قال الله تعالى ذكره {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا} ولكن الذي سمانا مسلمين من قبل نزول القرآن وفي القرآن الله الذي لم يزل ولا يزال. أهـ.
وقال الشنقيطي 5/ 750 وفي هذه الآيات قرينتان تدلان على أن قول عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم غير صواب، ثم ذكر الشنقيطي الأولى وهو مثل ما قال الطبري، وأشار إلى أن ابن جرير نبه عليها. ثم قال: القرينة الثانية. أن الأفعال كلها في السياق المذكور راجعة إلى الله لا إلى إبراهيم، فقوله (هو اجتباكم) أي الله {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ} أي الله. أهـ.
فظهر بذلك أن القول الأول هو الصحيح، وصوبه ابن كثير 3/ 236 وغيره.