وهؤلاء الذين ذكرهم الله تعالى بالإعراض عن اللغو شغلهم الجدُّ فيما أمرهم الله به عن اللغو. وهذا معنى قوله قتادة: أتاهم والله من أمر الله ما شغلهم عن الباطل (¬1).
وذكرنا الكلام في اللغو عند (¬2) قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225].
4 - قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} قال ابن عباس: يزكون أموالهم ابتغاء مرضات الله. وقال الكلبي: للصدقة الواجبة مُؤدون (¬3).
وقال أبو إسحاق: معنى {فَاعِلُونَ}: مؤتون (¬4). يعني أن الإيتاء فعلٌ، فعبر الله عنه (¬5) بلفظ الفعل كما قال أمية:
المُطْعمُون الطَّعَام في السَّنَة ... الأزْمَة والفاعلون للزكوات (¬6)
وحكى الأزهري عن بعضهم: والذين هم للعمل الصالح فاعلون. قال: وكذلك قوله: {خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً} (¬7) [الكهف: 81] أي: خير منه عملًا صالحًا (¬8).
¬__________
(¬1) رواه ابن المبارك في "الزهد" ص 55، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 339 وفيهما: ما وقذهم عن الباطل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 87 وعزاه لابن المبارك.
(¬2) في (ع): (في).
(¬3) ذكره البغوي 5/ 409 من غير نسبة لأحد.
(¬4) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 6.
(¬5) في (ع): (فعبر عنه).
(¬6) البيت في "ديوانه" ص 165، و"الكشاف" للزمخشري 3/ 26، و"الجامع" للقرطبي 12/ 105، و"البحر المحيط" لأبي حيان 6/ 396.
والسَّنَة الأزْمَة: الشديدة المجدة. انظر: "لسان العرب" 12/ 16 (أزم).
(¬7) (أ)، (ع): (هو خير منه زكاة)، وهو خطأ.
(¬8) "تهذيب اللغة" للأزهري 10/ 320، (زكا)