من ماء السماء أودعه الله الأرض.
وهذا معنى قول مقاتل بن سليمان، فقد قال: يعني العيون (¬1).
وقال أبو إسحاق: هو دجلة والفرات وسيحان وجيحان، فقد روي أن هذه الأنهار الأربعة من الجنة (¬2).
ومعنى {فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} (¬3) جعلناه ثابتًا فيها لا يزول (¬4).
قوله: {وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} قال ابن عباس: يريد أنه سيغيض ويذهب. يعني النيل.
وعلى هذا كأن الله تعالى وعد أنه يذهب النيل حتى ينقطع (¬5).
¬__________
(¬1) "تفسير مقاتل" 2/ 29 ب.
(¬2) روى مسلم في صحيحه كتاب: الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: ما في الدنيا من أنهار الجنة 4/ 2183 عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "سيحان وجيحان والفرات والنيل، كل من أنهار الجنة".
وروى النحاس في "معاني القرآن" 4/ 450، وابن عدي في "الكامل" 6/ 2316، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 1/ 57، والواحدي في "الوسيط" 3/ 286 كلهم من طريق مسلمة بن علي عن مقاتل بن حيان، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار: سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض ... فذلك قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} .. " الحديث.
وهذا الحديث قال عنه ابن عدي بعد روايته أنه منكر المتن. وضعف إسناده السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 95.
(¬3) في (أ): (أسكناه)، وهو خطأ.
(¬4) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 10.
(¬5) لا دليل على هذا من كتاب أو سنة صحيحة.