كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 15)

تحتاج فيه إلى تقدير حرف الخفض (¬1).

36 - قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} معنى (هيهات): بَعُدَ الأمرُ جدًّا حتى امتنع.
وهو صوت بمنزلة صَهْ ومَهْ، إلا أن هذه الأصوات الأغلب عليها الأمر والنهي، وهذا في الخبر، ونظيره شتان، أي: بعد ما بينهما جدًا.
وهذا الذي ذكرنا هو معنى ما ذكره أبو علي في كتاب "الإيضاح". فإنه ذكر فيه باب الأسماء التي سميت بها الأفعال فذكر فيه (رويد) بمعنى: أروِد أي: أمهل، و (إيه) بمعنى: حدث، وصَه ومَهْ بمعنى: أُسكت. وقال: أكثر ما تستعمل هذه الأسماء في الأمر والنهي، وقد جاء شيء من ذلك في الخبر، وذلك قولهم: شتان زيد وعمرو، فهذا بمنزلة: بعد زيد وعمرو، وقالوا: سرعان ذا إهالة (¬2)، بمعنى: سَرُع، وقالوا (¬3): هيهات زيد،
¬__________
(¬1) "الإغفال" للفارسي 2/ 1101 - 1103.
(¬2) سرعان -مثلثة السين- بمعنى: سرع، والإهالة: الودك.
و (سرعان ذا إهالة) مثل أصله: أن رجلا كانت له نعجة عجفاء، ورُغامها يسيل من منخريها لهزالها، فقيل له: ما هذا الذي يسيل؟ فقال: ودكها. فقال السائل ذلك القول.
وقيل إن أصل هذا المثل أن رجلاً كان يُحَمّق، اشترى شاة عجفاء يسيل رُغامها هزالا وسوء حال، فظن أنه ودك فقال: (سرعان ذا إهالة).
و (إهالة) منصوب على الحال، و (ذا) إشارة إلى الرغام، أي: سرع هذا الرغام حال كونه إهالة وهو مثل يضرب لمن يخبر بكينونة الشيء قبل وقته.
انظر: "مجمع الأمثال" للميداني 2/ 11 - 112، "لسان العرب" 8/ 152 (سرع)، "القاموس المحيط" 3/ 37، "تاج العروس" للزبيدي 21/ 186 (سرع).
(¬3) (قالوا): ساقطة من (أ).

الصفحة 572