هيهات العقيق (¬1) ولا شتان يزيد (¬2) ولو كان هيهات اسمًا للمصدر لما وجب بناؤه لأن المعنى الواحد قد يسمى بعدة أسماء ويكون ذلك كله معربًا، وأيضًا فإنك تقول: هيهات المنازل وهيهات الديار، فلو (¬3) كان هيهات مبتدأ لوجب أن يجمع، إذ لا يكون المبتدأ واحدًا والخبر جمعًا.
وأظن الذي حمل أبا إسحاق على أن قال: (هيهات: معناه البعد، وموضعه رفع كما أنك لو قلت: البعد لزيد كان البعد رفعًا). أنه لم ير (¬4) في قوله: {هَيْهَاتَ} فاعلا ظاهرًا مرتفعًا فحمله على أن موضعه رفع كالبعد. والقول في هذا أن في (هيهات) ضميرًا مرتفعًا، وذلك الضمير عائد إلى قوله: {أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} الذي هو بمعنى الإخراج، كأنهم لما قالوا -مستبعدين للوعد بالبعث ومنكرين له- {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} فكان قوله: {أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} بمعنى الإخراج وصار (¬5) في (هيهات) ضمير له، والمعنى: هيهات إخراجكم للوعد، أي (¬6): بعد إخراجكم للوعد إذ كان الوعد إخراجكم بعد موتكم ونشركم بعد إضمحلالكم، فاستبعد أعداء الله إخراجهم ونشرهم لما كانت العِدة به بعد الموت، إغفالاً منهم للتدبر وإهمالاً (¬7) للتفكر في قوله:
¬__________
(¬1) في "الإغفال" 2/ 1128: وليس هيهات بالعقيق.
(¬2) هكذا في (ع) والإغفال. وفي (أ): (يريد)، وهي مهملة في (ظ).
(¬3) في "الإغفال" 2/ 1129: ولو.
(¬4) في "الإغفال" 2/ 1130: لم يرد، والصواب ما هنا.
(¬5) في "الإغفال" 2/ 1130: صار.
(¬6) في (ع): (الذي).
(¬7) في (ع): (وإمهالا).