كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

وروي عن يزيد بن هارون أنه قال: هذا عندي إن جامعها وهو (¬1) مستحل فهو مشرك، وإن (¬2) جامعها وهو محرِّم فهو زان (¬3).
وهذا التأويل لا يعترض النسخ على الآية.
قال أبو عبيد: يذهب (¬4) ابن عباس في رواية سعيد بن جبير (¬5) إلى أن قوله {لَا يَنْكِحُ} إنما هو الجماع، ولا يذهب به إلي التزويج، والكلمة محتملة للمعنيين جميعًا في كلام العرب، والله أعلم (¬6).
وقال أبو إسحاق: قول من قال: إنَّ معنى النكاح هاهنا: الوطء يبعد؛ لأنه لا يعرف شيء من ذكر النكاح في كتاب الله إلا على معنى التزويج كقوله {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى} [النور: 32] {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: 49]، ولو كان المعنى على الوطء لما كان في الكلام فائدة؛ لأن القائل إذا قال: "الزانية لا تزني إلا بزان، والزاني لا يزني إلا بزانية" فليست فيه فائدة إلا على وجهة التغليظ للأمر، كما تقول للرجل الذي قد عرف بالكذب: هذا كذاب، تريد به تغليظ (¬7) أمره، والذي فيه الفائدة وتوجيه اللغة أنَّ المعنى معنى التزويج (¬8).
وروي عن الحسن أنه قال -في تفسيره هذه الآية- الزاني إذا أقيم عليه
¬__________
(¬1) في (أ): (فهو).
(¬2) في (أ): (فإن).
(¬3) رواه الثعلبي 3/ 68 ب بإسناده عن يزيد، به.
(¬4) في جميع النسخ: (فذهب)، والمثبت من "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد.
(¬5) قوله "في رواية سعيد بن جبير": من كلام الواحدي.
(¬6) "الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص 112.
(¬7) في (أ): (تغليظًا).
(¬8) "معاني القرآن" للزجَّاج 4/ 29 - 30 مع تقديم وتأخير وحذف.

الصفحة 115