واختلفوا في كيفية توبته: فقال طاووس: توبته أن يكذب نفسه (¬1).
وقال عامر: توبته أن يقوم مثل مقامه يكذب (¬2) نفسه (¬3).
وقال آخرون: التوبة منه كالتوبة من سائر الذنوب يندم على ما قال، ويستغفر منه، ويترك العود فيما بقي من العمر (¬4).
هذا كله إذا حدَّ بقذفه. فأما إذا لم يحد بعفو المقذوف عنه أو بموته قبل أن يطالب القاذف بحدٍّ أو لم يرفع إلى السلطان فإن شهادته تقبل. بهذا احتج الشافعي -رحمة الله عليه (¬5) - فقال: هو قبل أن يحد شر منه [حين يحد] (¬6) لأن الحدود كفارات فكيف تردونها في أحسن حاليه (¬7). يعني بعد الحد والتوبة.
قوله {وَأَصْلَحُوا} قال ابن عباس: يريد إظهار التوبة (¬8).
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 6/ 172، والطبري 18/ 80، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 131 عن طاووس وغيره وعزاه لعبد بن حميد.
(¬2) في (ع): (مكذب)، وعند ابن أبي شيبة: فيكذب.
(¬3) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 6/ 172 - 173 عنه بهذا الفظ، ورواه بنحو الطبري 18/ 76، 77، وابن أبي حاتم 7/ 14 ب، والبيهقي في "السنن" 10/ 153.
(¬4) ذكر هذا الطبري 18/ 81، والثعلبي 3/ 68ب.
وحكاه الطبري عن جماعة من التابعين وغيرهم 18/ 77 - 78، 81 وعن الإمام مالك بن أنس.
قال الطبري 18/ 81: وهذا القول أولى القولين في ذلك بالصواب؛ لأن الله جعل توبة كل ذي ذنب من أهل الإيمان تركه العود فيه، والندم على ما سلف منه، واستغفار ربَّه منه فيما كان.
(¬5) في (ع): (رضي الله عنه).
(¬6) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(¬7) "الأم" 7/ 41 - 42.
(¬8) ذكر القرطبي 12/ 182 هذا القول ولم ينسبه لأحد.