كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

{السَّيِّئَةَ} (¬1) وهي أذى المشركين إيّاه (¬2).
والمعنى: ادفع بالخلّة التي هي أحسن -وهي الصبر والصفح- أذاهم وجفاهم (¬3).
وهذا قبل أن يؤمر بقتالهم (¬4).
وقال أهل المعاني: إذا ذكروا المنكر فاذكر الحجَّة في فساده والموعظة التي تصرف عنه إلى ضدّه من الحق بتلطّف في الدعاء إليه والحث عليه (¬5).
¬__________
(¬1) في (ظ)، (ع): (والسيئة).
(¬2) الطبري 18/ 51 مع اختلاف يسير.
(¬3) الثعلبي 3/ 64 أ.
(¬4) ذكر هذا الطبري 18/ 51، والثعلبي 3/ 64 أ.
وانظر: "الناسخ والمنسوخ" لهبة الله بن سلامة ص 67، "الناسخ والمنسوخ" لابن حزم ص 46، "ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه" لابن البارزي ص 42.
وهي على قول هؤلاء منسوخة بآية الأمر بالقتال، والصواب أنَّها محكمة غير منسوخة، ولا تعارض بينها وبين آيات الأمر بالقتال، ولذا نقل ابن الجوزي في "ناسخ القرآن ومنسوخه" ص 467 عن بعض المحققين من العلماء أنَّه قال: لا حاجة بنا إلى القول بالنسخ، لأن المداراة محمودة ما لم تضر بالدين، ولم تؤد إلى إبطال حق وإثبات باطل. اهـ.
وقال ابن كثير 3/ 254: قال تعالى مرشدًا له -يعني للنبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الترياق النافع في مخالطة الناس وهو الإحسان إلى من يُسيء إليه ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة وبغضه محبة .. وهذا كما قال: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].
وانظر: "البحر المحيط" 6/ 422، "أضواء البيان" 5/ 818.
(¬5) ذكر الماوردي في "النكت والعيون" 4/ 66 هذا المعنى باخصار. وقال: حكاه ابن عيسى.

الصفحة 53