كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

وقال مجاهد: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} أي: فأسأل الله تسل عالمًا بكل شيء لا يخفى عليه خافية (¬1). وعلى هذا القول، معنى الآية: فاسأله تسل بسؤالك إياه خبيرًا. كما تقول: سل؟ تريد عالمًا. والمسؤول هو زيد، أي: سل زيدًا تسأل بسؤالك إياه عالمًا. وكان علي بن سليمان، يذهب إلى أن الكناية في {بِهِ} تعود إلى السؤال. وقوله: {فَاسْأَلْ} يدل على السؤال. والمعنى: فأسأل عالمًا بسؤالك (¬2).
وقال أبو إسحاق: المعنى: فاسأل عنه خبيرًا (¬3). وهو مذهب الأخفش، وجماعة، جعلوا الباء، بمعنى عن، كقوله: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} [المعارج: 1]. وأنشدوا:
وإن تسألوني بالنساء فإنني ... بصير بأدواء النساء طبيب (¬4)
أي: عن النساء (¬5)، والمعنى: سل عن الله أهل العلم يخبروك، كما
¬__________
(¬1) أخرج ابن أبي حاتم 8/ 2715، بسنده عن مجاهد: قال: ما أخبرتك من شيء فهو كما أخبرتك. وأخرج أيضًا بسنده 8/ 2715، عن شمر بن عطية: {الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} قال: هذا القرآن خبيرًا.
(¬2) "القطع والائتناف" 2/ 486، ونسبه لعلي بن سليمان. وهو: علي بن سليمان بن الفضل النحوي، أبو الحسن الأخفش الأصغر، قرأ على ثعلب والمبرد، وغيرهما، من مصنفاته: "شرح سيبويه"، و"التثنية والجمع". ت 315 هـ.
انظر: "سير أعلام النبلاء" 14/ 480، و"بغية الوعاة" 2/ 167.
(¬3) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 73.
(¬4) ذكره ابن قتيبة، في "تأويل مشكل القرآن" ص 568، ونسبه لعلقمة. وهو في "ديوانه" ص 23. وذكره الثعلبي 8/ 101أ، ولم ينسبه. وذكره الطبرسي 7/ 274، ونسبه لعلقمة بن عبدة، وفيه: بأغواء النساء. وذكره أبو البركات ابن الأنباري، في "البيان" 3/ 59، ولم ينسبه، ونسبه الشوكاني 4/ 81، لامرئ القيس.
(¬5) "تفسير الثعلبي" 8/ 101 أ. وممن ذهب إلى هذا القول ابن قتيبة، "تأويل مشكل =

الصفحة 556