كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

قال الشاعر:
هلا سالت القوم يا ابنة مالك ... إن كنت جاهلة بما لم تعلمي (¬1)
فإن قيل: هل كان يحتاج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن يسأل عن الله أحدًا؟
قيل: يحتمل أن يكون الخطاب له، والمراد به غيره. ويحتمل أن يكون كقوله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ} [يونس: 94] وقد ذكرنا ما قيل فيها مستقصى (¬2).
وكان ابن جرير، يذهب إلى أن الباء صلة؛ ويقول: المعنى: فاسأله خبيرًا، ويذهب إلى: أن {خَبِيرًا} منصوب على الحال (¬3).
قال أبو علي الفارسي: قوله {فَاسْأَلْ بِهِ} مثل سل عنه، فأما {خَبِيرًا} فلا يخلو انتصابه من أن يكون على أنه حال، أو مفعول به، فإن
¬__________
= القرآن" ص 568. وأنكر علي ابن سليمان هذا القول: لو لقيت فلانًا لقيك به الأسد؛ أي: للقيك بلقائك إياه الأسد. "تفسير القرطبي" 13/ 63. ورد ذلك أيضًا الألوسي 7/ 38؛ فقال: والسؤال كما يعدي بعن، لتضمنه معنى التفتيش يعدى بالباء لتضمنه معنى الاعتناء .. فلا حاجة إلى جعلها بمعنى عن، كما فعل الأخفش، والزجاج.
(¬1) البيت لعنترة، من معلقته، "ديوانه" ص 25. وقد نسب البيت في "تفسير الشوكاني" 4/ 81، لامرئ القيس، ولعل ذلك خطأ؛ لأنه ذكر بعده مباشرة البيت السابق منسوبًا لامرئ القيس أيضًا. والله أعلم.
(¬2) قال الواحدي: اختلفوا في هذا الخطاب لمن هو؛ فقال أكثر أهل العلم: هذا الخطاب للرسول -صلى الله عليه وسلم-، والمراد غيره من الشكاك .. ثم نقل عن أبي إسحاق الزجاج قوله: هذا أحسن الأقوال .. ثم قال: وذكروا في هذه الآية أقوالًا متكلفة بعيدة فلم أحكها. سورة يونس: 94.
(¬3) حكاه عن ابن جرير النحاس، "القطع والائتناف" 2/ 486، وهو في "تفسير ابن جرير" 28/ 19، وساقه بسنده عن ابن جريج.

الصفحة 557