كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

والبروج، بمعنى: القصور؛ ذكرنا تفسيرها عند قوله: {وَلَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 78] (¬1).
قوله تعالى: {وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا} قالوا: هو الشمس، نظيره قوله: {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} (¬2) [نوح: 16]. وقرأ حمزة والكسائي: (سُرُجًا) (¬3) قال الزجاج: أراد الشمس، والكواكب معها (¬4). ومن حجة هذه القراءة قوله: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك:5] فشبهت الكواكب بالمصابيح في قوله: (سُرُجًا) كما شبهت المصابيح بالكواكب؛ في قوله: {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ} [النور: 35] والمعنى: مصباح الزجاجة، ويدلك قول امرئ القيس:
سموت إليها والنجوم كأنها ... مصابيح رهبان تشب لقُفَّال (¬5)
¬__________
(¬1) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: والبروج في كلام العرب: القصور والحصون، وقال ابن المظفر: البروج بيوت تبنى على سور المدينة، وبروج الفلَك اثنا عشر، كل برج فيها ثلاثون درجة، وأصلها في اللغة: من الظهور، ومنه يقال: تبرجت المرأة، إذا أظهرت محاسنها.
(¬2) "تفسير مقاتل" ص 46 ب. و"تنوير المقباس" ص 305. و"معاني القرآن" للفراء 2/ 271، واستشهد عليه بالآية. و"مجاز القرآن" 2/ 78. وأخرجه عن قتادة، عبد الرزاق 2/ 70، وابن جرير 19/ 30، وابن أبي حاتم 8/ 2717. وهو قول الهوَّاري 3/ 216. والزجاج 4/ 74. والثعلبي 8/ 101 ب.
(¬3) "السبعة في القراءات" ص 466، و"الحجة" 5/ 347. و"النشر" 2/ 334.
(¬4) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 74.
(¬5) هذا بنصه، في "الحجة للقراء السبعة" 5/ 347، من قوله: ومن حجة هذه القراءة. وعنه أنشد بيت امرئ القيس، ورواية الديوان هي:
نظرت إليها والنجوم كأنها ... مصابيح رهبان تشب لقفال
سموت إليها بعدم نام أهلها ... سمو حَبَابِ الماء حالاً على حال
"ديوان امرئ القيس" ص 182. وفي "حاشية الديوان: تشب لقفال: توقد =

الصفحة 564