كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

وذكر الفراء، والزجاج، القولين جميعًا (¬1)، وأنشدا قول زهير:
بها العِينُ والآرام يَمشِين خِلْفةً (¬2)
أي: مختلفات، في أنهما ضربان في ألوانها، وهيئتها، وتكون خلفة في مِشْيَتها، تذهب كذا، وتجيء كذا (¬3). وحكى الكلبي، القولين أيضًا؛ فقال: {خِلْفَةً} يخلف كل واحد منهما صاحبه. قال: ويقال الخلفة: اختلاف ألوانها (¬4). والخلفة: اسم من الاختلاف، أقيم مقام المصدر. والاختلاف يحتمل المعنيين جميعًا. وذكرنا ذلك عند قوله: {إِنَّ في خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} في سورة البقرة [آية: 164] (¬5)
¬__________
= 2/ 455. وذكره عنه الهوَّاري 3/ 216. وأخرجه بسنده ابن أبي حاتم 8/ 2718، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(¬1) "معاني القرآن" للفراء 2/ 271. و"معاني القرآن" للزجاج 4/ 74.
(¬2) صدر بيتٍ وعجزه:
وأطلاؤها ينهض من كل مجثم
"ديوان زهير" 75، وذكره مقتصرًا على صدره: الفراء 2/ 271، وأبو عبيدة 2/ 80، وابن قتيبة في "الغريب" ص 314، وابن جرير 19/ 32، والأزهري 7/ 399. وذكره بتمامه: الثعلبي 8/ 101 ب، وابن عطية 11/ 61، قال ابن قتيبة: الآرام: الظباء البيض، والآرام: الأعلام، واحده: أرم، أي: إذا ذهب فوج الوحش، جاء فوج.
(¬3) "تهذيب اللغة" 7/ 399 (خلف)، بنصه وذكر نحوه الفراء 2/ 271، وابن جرير 19/ 32.
(¬4) في "تنوير المقباس" ص 305: مختلفة بعضها لبعض.
(¬5) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: فسر الاختلاف هاهنا تفسيرين؛ أحدهما: أنه افتعال من قولهم: خلفه يخلفه إذا ذهب الأول وجاء الثاني خلافه؛ أي: بعده .. وبهذا فسر قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} .. الثاني: قال ابن كيسان وعطاء في هذه الآية: أراد اختلافهما في الطول والقصر والنور والظلمة =

الصفحة 569