كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

وقد يكون الهمز في اللغة بمعنى: العيب (¬1). ومنه قوله -عز وجل-: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ} [الهمزة: 1] وهو الذي يهمز أخاه في قفاه من خلفه (¬2) أي (¬3): يغتابه ويعيبه (¬4).
قال المبرد: والهمز في كلام العرب: إنما هو أن (¬5) يهمز الرجل بقول قبح من حيث لا يسمع، وسميت مكايدة (¬6) الشيطان همزًا؛ لأن مكايدته خفيّة بالنزغة والوسوسة (¬7).
ومن هذا قول مجاهد في تفسير الهمزات: نفخهم ونفثهم (¬8).
وذلك أن الشطان ينفخ في الإنسان عند الغضب وغيره، وينفث فيه من حيث لا يشعر به.
وقد يكون الهمز في اللغة بمعنى: العصر. يقال: همزت رأسه،
¬__________
(¬1) هذا قول ابن الأعرابي كما في "تهذيب اللغة" للأزهري 6/ 164 (همز). وانظر: "الصحاح" للجوهري 3/ 902 (همز)، "لسان العرب" 5/ 426 (همز).
(¬2) في (1): (خلف)، وفي (ع): (خلقه).
(¬3) في (أ): (إلي).
(¬4) قوله: (الذي يهمز .. خلفه). في "تهذيب اللغة" للأزهري 6/ 164 - 165 (همز) منسوبًا إلى الليث.
(¬5) في (ع): (لمن).
(¬6) في (ظ): (مكايد).
(¬7) لم أجده.
(¬8) ذكره عنه الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 64 أ.
قال الإمام ابن القيم في "إغاثة اللهفان" 1/ 155: وظاهر الحديث -يعني استعاذة النبي -صلى الله عليه وسلم- من همز الشيطان ونفخه ونفثه- أن الهمز نوع غير النفخ والنفث، وقد يقال -وهو الأظهر- إن همزات الشياطين إذا أفردت دخل فيها جميع إصاباتهم لابن آدم وإذا قرنت بالنفخ والنفث كانت نوعًا خاصا، كنظائر ذلك.

الصفحة 57