كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

وقال مقاتل بن حيان: {قَالُواْ سَلَمًا} أي: قولًا يسلمون فيه من الإثم (¬1).
قال أبو إسحاق، وأبو علي: نتسلم منكم سلامًا لا نجاهلكم كأنهم قالوا: تسلمًا منكم لا نتلبس بشيء من أمركم (¬2).
وقال أبو الهيثم: معناه: سدادًا من القول، وقصدًا لا لغو فيه (¬3). وهو معنى قول ابن حيان. وذكرنا معنى: السلام فيما تقدم (¬4). والأولى أن لا تكون هذه الآية منسوخة؛ لأنها صفة لخواص من عباد الله، لا يجهلون، ولا يرفثون، بل يحلمون (¬5).
¬__________
(¬1) ذكره عنه الثعلبي 8/ 102 أ، وابن الجوزي 6/ 101، وجمع في "الوجيز" بين قولي مجاهد، وابن حيان، فقال: سدادًا من القول يسلمون فيه من الإثم. قال الثعالبي: إذا نازعك إنسان فلا تجبه؛ فإن الكلمة الأولى أنثى وإجابتها فحلها فإن أمسكت عنها بترتها، وقطعت نسلها، وإن أجبتها ألقحتها فكم من نسل مذموم يتولد بينهما في ساعة واحدة. الجواهر الحسان 2/ 472.
(¬2) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 74. وذهب إلى هذا المبرد؛ فقال: تأويله المتاركة، أي: لا خير بيننا وبينكم ولا شر. المقتضب 3/ 219، وسبقه إلى هذا سيبويه، "الكتاب" 1/ 324.
(¬3) "تهذيب اللغة" 12/ 448 (سلم).
(¬4) قال الواحدي: قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ} [النساء: 94] وقرئ: {السَّلَمَ} فمن قرأ بالألف واللام فله معنيان؛ أحدهما: أن يكون السلام الذي هو تحية المسلمين؛ أي: لا تقولوا لمن حياكم بهذه التحية: إنما قالها متعوذًا، فتقدموا عليه بالسيف لتأخذوا بماله، ولكن كفوا عنه، واقبلوا منه ما أظهره. والثاني: أن يكون المعنى: لا تقولوا لمن اعتزلكم، وكف يده عنكم فلم يقاتلكم: لست مؤمناً .. وأصل هذا من السلامة؛ لأن المعتزل طالب للسلامة.
(¬5) قال السمرقندىِ 2/ 465، بعد أن ذكر قول الكلبي، في أن الآية منسوخة: وقال بعضهم: هذا خطأ؛ لأن هذا ليس بأمر، ولكنه خبر من حالهم، والنسخ يجرى =

الصفحة 576