كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

قال أبو إسحاق: {وَعِبَادُ} مرفوع بالابتداء، والأحسن أن يكون الخبر: ما جاء في آخر السورة؛ من قوله: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} ويجوز أن يكون خبره: {الَّذِينَ يَمْشُونَ} (¬1) ويكون قوله: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ} صفة للذين يمشون (¬2).
قال الحسن: هذا صفة نهارهم إذا انتشروا في الناس، وليلُهم (¬3) خير ليل إذا خلو فيما بينهم وبين ربهم يراوحون بين أطرافهم (¬4)؛ وهو:

64 - قوله تعالى: ميووَ {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} قال الليث: البَيْتُوتَة: دخولُك في الليل، تقول: بِتُّ أصنع كذا. ومن قال: بات فلان إذا نام؛ فقد أخطأ (¬5).
¬__________
= في الأمر والنهي. ورد مكي بن أبي طالب القول بأن هذه الآية خبر لا يجوز نسخه؛ فقال: هذا ليس من الخبر الذي لا يجوز نسخه؛ لأنه ليس فيه خبر من الله لنا عن شيء يكون أو شيء كان فنسخ بأنه لا يكون، أو بأنه لم يكن -هذا الذي لا يجوز فيه النسخ- وإنما هذا خبر من الله لنا أن هذا الأمر كان من فعل هؤلاء الذين هم عباد الرحمن قبل أن يؤمروا بالقتال. "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" ص 371، وهذا كلام جيد؛ لكن القول بأن الآية منسوخة ليس بصواب، فلا تعارض بين هذه الآية، وبين الأمر بالقتال، فلكل واحد منهما ما يناسبه من الزمان والمكان، قال الطوسي 7/ 505: الأمر بالقتال لا ينافي حسن المحاورة في الخطاب، وحسن العشرة. ونقض القول بالنسخ أيضًا الزمخشري 3/ 284. قال ابن عطية 11/ 67: وهذه الآية كانت قبل آية السيف، فنسخ منها ما يخص الكفرة، وبقي أدبها في المسلمين إلى يوم القيامة. وذكر نحوه ابن جزي 487. وأحسن الحديث عن النسخ في هذه الآية النحاس، في كتابه "الناسخ والمنسوخ" 2/ 568.
(¬1) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 74.
(¬2) ذكر هذا الزمخشري 3/ 284.
(¬3) في (أ)، (ب): (وأجلهم).
(¬4) أخرجه بنحوه ابن جرير 19/ 35، وابن أبي حاتم 8/ 2723.
(¬5) "العين" 8/ 138 (بيت)، ونقله عنه الأزهري، "تهذيب اللغة" 14/ 333 (بات).

الصفحة 577