كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

وقال الزجاج: كل من أدركه الليل فقد بات يَبِيت، نام أو لم ينم. يقال: بات فلان قلقًا (¬1). قال الكلبي ومقاتل: يبيتون لربهم بالليل في الصلاة سجدًا وقيامًا (¬2). وذكر الكلبي، عن ابن عباس، قال: من صلي ركعتين، أو أكثر بعد العشاء، فقد بات لله ساجدًا وقائمًا (¬3).

65 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ} قال ابن عباس: إنهم يقولون ذلك في سجودهم وقيامهم (¬4).
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 75. ومما يشهد على أن المراد بالبيات الليل قوله تعالى: {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: 4].
(¬2) "تفسير مقاتل" ص 47 أ. و"تنوير المقباس" ص 305.
(¬3) "الوسيط" 3/ 345، وذكر نحوه الفراء 2/ 272، ولم ينسبه. وكذا الهواري 3/ 217. وذكر الثعلبي 8/ 102 أ، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: من صلى بالليل ركعتين أو أكثر من ذلك فقد بات لله ساجدًا وقائمًا. ثم قال: قال الكلبي: ويقال الركعتان بعد المغرب، وأربع بعد العشاء الآخرة. وذكر ذلك السمرقندي 2/ 465، وصدره بقوله: رُوي. وأخرج ابن أبي حاتم 8/ 2723، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: أصيبوا من هذا الليل ولو ركعتين، أو أربعاً. وقد ذكر الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 230، أثر ابن عباس مرفوعاً، ونحوه عن ابن عمر مرفوعاً، وضعفهما. لكن ثبت في الصحيح أن عَبْدَ الرحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ: دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ صَلاةِ الْمَغْرِب فَقَعَدَ وَحْدَهُ فَقَعَدْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ". أخرجه مسلم 1/ 454، كتاب المساجد، رقم: 656. والترمذي 1/ 433، أبواب الصلاة، رقم: 221.
(¬4) ذكره عنه القرطبي 13/ 72. قال الزمخشري 3/ 284: وصفهم بإحياء الليل ساجدين وقائمين، ثم عقبه بذكر دعوتهم هذه إيذاناً بأنهم مع اجتهادهم خائفون مبتهلون إلى الله في صرف العذاب عنهم، كقولى تعالى. {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60].

الصفحة 578