كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

وقوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} قال الليث: الغرام: العذاب اللازم، أو الشر اللازم، والغُرْمُ: أداءُ شيء يَلزم (¬1).
وقال الفراء: العرب تقول: إن فلانًا لَمُغرَمٌ بالنساء، إذا كان مُولَعًا بهن. وإني بك لَمُغرم إذا لم يَصبِر عنه. ونرى أن الغريم إنما سمي غريمًا؛ لأنه يطلب حقه، وُيلح حتى يقبضه، فمعنى: {غَرَامًا} مُلِحًا دائمًا (¬2).
قال مقاتل: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} يعني: لازمًا له لا يفارقه (¬3) كلزوم الغريم للغريم. وقال الحسن: الغرام: اللازم الذي لا يفارق صاحبه أبدًا، وكل عذاب يفارق صاحبه فليس بغرام، وكل غريم مفارق غريمه إلا غريم جهنم (¬4). وقال سليمان التيمي: كل أسير لابد أن يفك أُساره يومًا، أو يموت، إلا أَسير جهنم، فهو الغرام لا يُفك أبدًا (¬5). وقال الكلبي: {كَانَ غَرَامًا} مُولَعًا، ويقال مُلِحًا (¬6).
وقال القرظي: إن الله عز وجل سأل الكفار ثمن نعمه فلم يؤدوها إليه،
¬__________
(¬1) كتاب "العين" 4/ 418 (غرم)، ونقله عنه الأزهري، "تهذيب اللغة" 8/ 131. واقتصر عليه في "الوجيز" 2/ 782.
(¬2) "معاني القرآن" للفراء 2/ 272. وذكره في "تهذيب اللغة" 8/ 131 (غرم). و"تفسير الثعلبي" 8/ 102 أ.
(¬3) "تفسير مقاتل" ص 47 أ.
(¬4) أخرجه ابن جرير 19/ 36، وابن أبي حاتم 8/ 2723. وذكره بنحوه الهواري 3/ 217. والثعلبي 8/ 102 ب.
(¬5) أخرج ابن أبي حاتم 8/ 2724. سليمان بن طَرخان التيمي، أبو المعتمر البصري، نزل في التَّيم فنسب إليهم، ثقة عابد، ت: 143هـ. "سير أعلام النبلاء" 6/ 195. و"تقريب التهذيب" ص 409.
(¬6) "تنوير المقباس" ص 305.

الصفحة 579