كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

وقال أبو عبيدة: {كَانَ غَرَامًا} أي: هلاكًا. وهو اختيار المبرد وابن قتيبة (¬1)

67 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} فيه ثلاثهَ أوجه من القراءة؛ ضم الياء، من {يَقْتُرُوا} وضم التاء، وكسر التاء مع فتح الياء (¬2)، يقال: قَتَر الرجل على عياله، يَقْتِرُ ويَقْتُرُ قَتْرًا، مثل: يَعْكُف
¬__________
= الغريم الغريم، وأنشد قول بشر بن أبي حازم. والرواية الثانية، قال: أخرج ابن الأنباري، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن نافع ابن الأزرق، قال له: أخبرني عن قوله: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} ما الغرام، قال: المولع، وأنشد بيت ابن عجلان. وأنشد ابن الأنباري البيت، ونسبه لحاتم بن عبد الله الطائي، وليس فيه ذكر السؤال، أو أنه من إنشاد ابن عباس. كتابه "الزاهر في معاني كلمات الناس" 1/ 240. والبيت في "ديوان حاتم الطائي" ص 127، بيتاً مفرداً.
(¬1) "مجاز القرآن" 2/ 80. و"غريب القرآن" ص 315. وذكره البخاري، ولم ينسبه، "الفتح" 8/ 495. واقتصر عليه الغزنوي، في وضح البرهان 2/ 126، واستدل ببيت بشر عليه. ومن الأقوال الواردة في الغرام، ما ذكره الهواري 3/ 217 {غَرَامًا} أي: انتقاماً. وما ذكره الماوردي 4/ 155، عن قطرب: ثقيلاً، ومنه قوله {فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} [القلم: 46].
(¬2) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: بفتح الياء، وكسر التاء. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: {يَقتُرُواْ} بفتح الياء، وضم التاء. وقرأ نافع، وابن عامر: {يُقتروا} بضم الياء، وكسر التاء. "كتاب السبعة في القراءات" 466، و"إعراب القراءات السبع وعللَّها" 2/ 124، و"الحجة للقراء السبعة" 5/ 348، و"النشر" 2/ 334. قال النحاس، معلقاً على قراءة ضم الياء: وتعجب أبو حاتم من قراءة أهل المدينة هذه؛ لأن أهل المدينة عنده لا يقع في قراءتهم الشاذ، فإنما يقال: أقتر يُقتر، إذا افتقر، كما قال جل وعز: {وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] وتأول أبو حاتم لهم أن المسرف يفتقر سريعاً، وهذا تأويل بعيد، ولكن التأويل أن أبا عمرو الجرمي، حكى عن الأصمعي، أنه يقال للإنسان إذا ضَيَّق: قتر يقتُر ويقتِر، وقتَّر يُقتِّر، وأقتر يُقتر، فعلى هذا تصح القراءة، وإن كان فتح الياء أصح، وأقرب متناولاً، وأشهر وأعرف. "إعراب القرآن" 3/ 167.

الصفحة 581