كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

ويعكِف، ويفسُق ويفسِق، ويحشُر ويحشِر، إذا ضَيَّق ولم يُنفق إلا قدر ما يُمسك الرَّمَق (¬1). ومثله: أقتر.
قال أبو عبيد: وهي ثلاث لغات، معناها: لم يضيقوا في الإنفاق (¬2). وقال غيره: قَتَر إذا ضَتَّق، وأقتر إذا أَقلَّ وافتقر، والمقتر، ضدُ الموسر، قال الله تعالى: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] وقال الشاعر:
لكم مسجد الله المزوران والحصا ... لكم قِبصُهُ من بين أثْرى وأقترا (¬3)
تقديره من بين رجل أثرى، ورجل أقتر، فأقام الصفة مقام الموصوف، وعلى هذا معنى: {وَلَمْ يَقْتُرُوا} لم يفتقروا في إنفاقهم؛ لأن المسرف مُشرف على الافتقار لسرفه في إنفاقه (¬4).
واختلفوا في معنى هذا الإسراف والإقتار؛ فقال الكلبي، والنخعي: هذا في الإنفاق على العيال، إذا أنفقوا على أهلهم وعيالهم وعلى أنفسهم
¬__________
(¬1) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 349. والرَّمَق: بقية الحياة. "تهذيب اللغة" 9/ 145.
(¬2) قال ابن جرير 19/ 40: كل هذه القراءات ... بمعنى واحد، فبأيتها قرأ القارئ فمصيب. وكذا الأزهري في "معاني القراءات" 2/ 218.
(¬3) البيت للكميت بن زيد يمدح بني أمية، المسجدان: مسجد مكة والمدينة، أي: لكم العدد الكثير من جميع الناس، المثري منهم والمقتر. "لسان العرب" 3/ 205 (سجد). وأنشده الأزهري، "تهذيب اللغة" 8/ 385 (قبص)، ولم ينسبه، ثم قال: أي من بين مُثرٍ ومُقلٍ، واستشهد به على أن القبص: العدد الكثير. وذكره أبو علي، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 348، ولم ينسبه. وكذا الأنباري في "الإنصاف" 2/ 721، والطبرسي 7/ 277.
(¬4) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 348، من قولى: قتر إذا ضيق.

الصفحة 582