كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

لم يسرفوا في النفقة (¬1).
وقال إبراهيم: لا يجيعهم ولا يعريهم، ولا ينفق نفقة يقول الناس: إنك قد أسرفت فيها (¬2).
وقال أبو علي الفارسي: معنى {لَمْ يُسْرِفُوا} لم يخرجوا في إنفاقهم من السِّطَةِ (¬3) والاقتصاد {وَلَمْ يَقْتُرُوا} لم يمسكوا ولم ينقصوا عن الاقتصاد فيقصروا عن التوسط فمن كان في هذا الطرَف فهو مذموم، كما أن من جاوز الاقتصاد كان كذلك، كما قال الله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} الآية [الإسراء: 29] ويبين هذا قوله: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} أي: كان إنفاقهم بين ذلك لا إسرافًا، يدخل به في حد التبذير، ولا تضييقًا
¬__________
(¬1) اختار هذا القول الهواري 3/ 217، ولم ينسبه.
(¬2) إبراهيم هو النخعي، أخرج قوله ابن جرير 1/ 389. وابن أبي حاتم 8/ 2725، 2726. وهذا القول يدل على أن الإسراف: تجاوز الحد في الإنفاق، والإقتار: التقصير عما لا بد منه. "تفسير البغوي" 6/ 94.
(¬3) هكذا في النسخ الثلاث، وأيضًا عند أبي علي في "الحجة" 5/ 349، ومعناه: التوسط. يقال: وسطت القوم أسطهم وسطًا وسِطة، أي: توسطتهم. كتاب "العين" 7/ 279 (وسط)، و"تهذيب اللغة" 13/ 28، و"اللسان" 7/ 429. ومن ذلك حديث جابر بن عبد الله قال: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال: "تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم" فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: "لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير". قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلاقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن. أخرجه مسلم 2/ 603، كتاب صلاة العيدين، رقم 885، وابن خزيمة 2/ 357، رقم 1460.

الصفحة 583