قال صاحب النظم: هذا من باب الإيماء؛ لأن معنى قوله: {أَنْ يَحْضُرُونِ} إيماءً إلى أن يصيبوني بسوء، ومنه قولهم: حضر فلان، إذا دنى موته. ويقال: اللبن (¬1) محضور ومحتضر، أي: يصاب منه، وكذا (¬2) الحُشُوش والكُنُف (¬3) مُحْتَضَرة، أي يصاب الناس (¬4) فيها، ومنه قوله-عز وجل-: {كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} [القمر: 28] أي مصاب منه يصيب صاحبه. هذا كلامه.
والصحيح أن يقال: المعنى: وأعوذ بك ربِّ (¬5) أن يحضرون بسوء، بحذف ذكر السوء اختصارًا على أنه مفهوم المعنى، وذلك قولهم اللبن محتضر (¬6) فغط إناك، يعنون: تحتضره الدابة وغير ذلك من أهل الأرض (¬7)، والكُنُف تحتضره الشياطين والجن، وقوله: {كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} باحتضار صاحبه.
وهذا معنى ما ذكره صاحب النظم من قوله: أن يصيبوني بسوء؛ لأنهم إذا حضروه بسوء أصابوه به (¬8). وحذف ذكر السوء؛ لأن الشيطان لا يحضر
¬__________
(¬1) في (ظ): (الناس).
(¬2) في (أ): (وكذا).
(¬3) الحُشُوش: جمع: حُش -بضم الحاء وفتحها- وهو المخرج والمتوضأ. "لسان العرب" 9/ 286 (حشش).
والكنف: جمع كَنِيف وهو المرحاض. "القاموس المحيط" 3/ 192.
(¬4) (الناس): ساقطة من (ظ). والعبارة في (ظ): (أي يصاب منه أي يصاب فيها).
(¬5) (ربِّ) ليست في (أ).
(¬6) (محتضر): ساقطة من (ع).
(¬7) قولى: (قولهم اللبن محتضر ... إلى هنا). هذا كلام الأصمعي كما في "تهذيب اللغة" للأزهري 4/ 201 (حضر).
(¬8) (به): ساقطة من (أ).