كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

وهل يَأثَمنِّي الله في أن ذكرتُها ... وعَلَّلْتُ أصحابي بها ليلةَ النَّفر (¬1)
معناه: هل يجزيني الله جزاء إثمي بأن ذكرت هذه المرأة في غنائي (¬2).
وقال أبو إسحاق: تأويل الأثام: المجازاة، قال: وسيبويه، والخليل، يذهبان إلى أن معناه: يلق جزاء الأثام (¬3). واختار أبو علي، هذا القول، وجعله من باب حذف المضاف؛ قال: ومثله مِن حذف الجزاء الذي هو مضاف، قوله تعالى: {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا} [الشورى: 22] أي: من جزاء ما كسبوا (¬4) لقوله: {وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ} هذا قول أهل اللغة، في معنى الأثام؛ وهو قول ابن عباس، لما سأله نافع بن الأزرق، عن الأثام، قال: الجزاء، وأنشد لعامر بن الطفيل:
وروَّينَا الأسنَّة من صُداءٍ ... ولاقتْ حمير منا أثاما (¬5)
¬__________
(¬1) لم أجده في "معاني القرآن" للفراء، عند هذه الآية، وإنما ذكره الأزهري، في "تهذيب اللغة" 15/ 161 (أثم)، من إنشاد الفراء، ولم ينسبه. وقال المحقق: في نسبة البيت خلاف، والمرجح أنه لنصيب بن رياح الأسود الحكمي. يقال: يوم النفر وليلة النفر لليوم الذي ينفر الناس فيه من مني، وأنشد البيت للدلالة على ذلك ابن منظور، "لسان العرب" 5/ 225 (نفر)، ونسبه لنُصَيب بن الأسود.
(¬2) لم أجده في معاني القرآن، عند كلامه عن هذه الآية. وقد ذكره بنصه، الأزهري، في "تهذيب اللغة" 15/ 160.
(¬3) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 76. وذكره في "تهذيب اللغة" 15/ 160 (أثم). قال سيبويه "الكتاب" 3/ 87: وسألته [يعني الخليل] عن قوله عز وجل: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} فقال: هذا كالأول؛ لأن مضاعفة العذاب هو لُقيُّ الأثام.
(¬4) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 351، بمعناه.
(¬5) لم أجده في "غريب القرآن في شعر العرب"، الذي جمع سؤالات نافع بن الأزرق. وقد أنشده ابن الأنباري، "الدر المنثور" 6/ 278. الأسنة: جمع سنان، وهو: =

الصفحة 592