كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

فغدوهم مُرَجَّلين في المعنى، تركٌ للاحتفال. وهذا مثل إبدال {يُضَعِفُ} وقد أبدل من الشرط كما أبدل من جزائه، وذلك في قوله:
متى تأتنا تُلْممْ بِنا في ديارنا ... تَجدْ حَطبًا جَزْلًا ونارًا تأجَّجَا (¬1)
فأبدل: تُلمم، من: تأتنا؛ لأن الإلمام إتيان في المعنى (¬2).
وأما من رفع فإنه لم يُبدل ولكنه قطعه مما قبله واستأنف (¬3).

70 - وقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} قال ابن عباس: نزلت هذه الآية بمكة؛ وكان المشركون قالوا: [ما يغني عنا اتباعك، وقد عدلنا بالله، وقتلنا النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأتينا الفواحش، فنزلت: {إِلَّا مَنْ تَابَ} الآية (¬4).
وقال السدي: قال المشركون]: (¬5) كيف نتبعك يا محمد وأنت تقول:
¬__________
= في إعراب القرآن" 2/ 258، و"الإنصاف" 2/ 584، ولم ينسبهما. وفي حاشية الإنصاف: الشاهد قوله: لا يحفلوا يغدوا عليك، فإن الفعل الثاني: يغدوا مجزوم؛ لأنه بدل من الفعل الأول، وهو: لا يحفلوا، وتفسير له. ويحفلوا مأخوذ من قول العرب: ما أحفل بفلان، أي: ما أبالي به. "تهذيب اللغة" 5/ 76 (حفل). والمرجَّل: الشَعْر المسَرَّح. "تهذيب اللغة" 11/ 34 (رجل).
(¬1) أنشده سيبويه، "الكتاب" 3/ 86، ولم ينسبه. وكذا الزجاج 4/ 76، وفيه: وناراً توقدا. وفي الحاشية: لم أقف على قائل البيت. وقال: الشاهد فيه: وقوع تلمم بدلاً من تأتنا. وأنشده كذلك أبو علي، في "الحجة" 5/ 351. وابن الأنباري، "الإنصاف" 2/ 583. والبغدادي، "الخزانة" 3/ 660، وعزاه لعبد الله بن الحر.
(¬2) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 350. وهو في "معاني القرآن" للزجاج 4/ 76، بمعناه.
(¬3) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 352. و"معاني القراءات" للأزهري 2/ 219. قرأ بالرفع في الموضعين: عاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر. "كتاب السبعة في القراءات" ص 467. و"الحجة للقراء السبعة" 5/ 350.
(¬4) أخرجه ابن جرير 19/ 42.
(¬5) ما بين المعقوفين، في (ج).

الصفحة 595