كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

من أشرك أو زنا أو قتل فهو في النار؟ فأنزل الله: {إِلَّا مَنْ تَابَ}. وذكر ابن عباس: أن هذه الآية منسوخة بقوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] وقال: التي في هذه السورة لمن كان مشركًا ثم تاب وآمن، فأما من دخل في الإسلام، وعقل ثم قتل فلا توبة له (¬1). وقال: هذه مكية، نسختها آية مدنية وهي التي في سورة النساء (¬2). ونحو هذا قال زيد بن ثابت: نزلت الغليظة، بعد اللينة بستة أشهر، فنسخت الغليظة اللينة (¬3).
وقوله: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} يبدلهم الله بقبائح أعمالهم في الشرك محاسن الأعم الذي الإسلام؛ بالشرك إيمانًا، وبقتل المؤمنين قتل المشركين، وبالزنا عفة وإحصانًا. قاله ابن عباس، ومجاهد، والسدي، والضحاك، وابن زيد، وسعيد بن جبير (¬4).
¬__________
(¬1) أخرجه ابن جرير 9/ 65، تح: محمود شاكر. وأخرجه أيضًا في 19/ 42، وفيه: قال سعيد بن جبير: فذكرته لمجاهد، فقال: إلا من ندم.
(¬2) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، رقم: 4762، "الفتح" 8/ 492، ومسلم 4/ 2318، كتاب التفسير، رقم: 2023. وابن جرير 19/ 44.
(¬3) أخرج ابن جرير 9/ 68، تح: محمود شاكر. قال ابن عطية 11/ 75: ولا خلاف بين العلماء أن الاستثناء عامل في الكافر والزاني، واختلفوا في القاتل من المسلمين.
(¬4) أخرج ابن جرير 19/ 46، عن ابن عباس، من ثلاثة طرق، وأخرجه كذلك عن الضحاك، وسعيد بن جبير، وابن زيد، ومجاهد. وأخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2733، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- من طريقين، وعن سعيد، من طريقين، والحسن، وعطاء، وقتادة وذكره الثعلبي عن جميع من ذكر الواحدي. قال مقاتل 47 أ: والتبديل من العمل السيئ إلى العمل الصالح. واختار هذا القول ورجحه ابن جرير 19/ 46. قال الزجاج 4/ 76: ليس أن السيئة بعينها تصير حسنة، ولكن التأويل أن السيئة تمحى بالتوبة، وتكتب الحسنة مع التربة. فيكون التبديل على هذا القول في الدنيا. "تفسير البغوي" 6/ 97.

الصفحة 596