كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

يكلمونهم ويعرضون عنهم، واللغو: الوقيعة من المشركين في المسلمين (¬1).
وروى العوام بن حوشب، عن مجاهد قال: كانوا إذا أتوا على ذكر النكاح كَنَوا عنه (¬2). وهو اختيار الفراء؛ قال: ذُكِر أنهم كانوا إذا أَجروا ذكر النساء كَنَوا عن قبيح الكلام فيهن وذلك مرورهم به (¬3).
وقال أبو علي الفارسي في هذه الآية: يجوز أن يكون المعنى: إذا مروا بأهل اللغو، [وذوي اللغو] (¬4) مروا كرامًا فلم يجاروهم فيه ولم يخوضوا معهم فيه (¬5)، قال: ويجوز أن يكون مِثل: فمرت بي آية كذا، ومرت بي سورة كذا؛ أي: تلوتها، وقرأتها، إذا أتوا على ذكر ما يُستفحَش ذكره كَنَوا عنه ولم يصرحوا.
وليس هذا في كل حال ولكن في بعض دون بعض؛ فإذا كانت الحال تقتضي التبيين فالتصريح أولى، كما روي في الحديث: "فأعِضُّوه بِهِنِ أبيه،
¬__________
(¬1) أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2740.
(¬2) أخرج ابن جرير 19/ 49، وابن أبي حاتم 8/ 2739، من طريق العوام بن حوشب. وذكره الثعلبي 8/ 105 (أ). كَنَى فلان عن الكلمة المستفَحشة يَكْنِي: إذا تكلم بغيرها. "تهذيب اللغة" 10/ 373 (كنى).
(¬3) "معاني القرآن" للفراء 2/ 274. وذكره الزجاج 4/ 77.
(¬4) ما بين المعقوفين، في (ج).
(¬5) قال ابن قتيبة: لم يخوضوا فيه، وأكرموا أنفسهم عنه. "غريب القرآن" 315. وليس معنى ذلك أهم يتركون الإنكار، قال ابن عطية 11/ 79: وأما إذا مر المسلم بمنكر فكرمه أن يغيره. إما باليد أو باللسان أو ينكره بالقلب كما دل على ذلك حديث أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان". أخرجه مسلم 1/ 69، كتاب الإيمان، حديث رقم: 49، والبيهقي في "الكبرى" 10/ 90.

الصفحة 606