كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

وإنما الصراري جمع صُرَّاءٍ، وهو مفردٌ نحو: حُسَّانٍ (¬1)، فَكَسَّرَه ككُلَّابٍ، وكَلاَليب؛ لأن الصفة تُشَبَّه في التكسير بالأسماء. ويدل على أن الصُرَّاء واحدٌ قول الفرزدق:
أَشاربُ قهوةٍ وخدينُ زِيرٍ ... وصُرَّاءٍ لفسوته بُخارُ (¬2)
قوله: {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} (¬3) قال الفراء: ولو قرئت: قُرَّاتِ أعين؛ لأنهم كثير، كان صوابًا. والوجه التقليل: {وقُرَّةَ}؛ لأنه فعل، والفعل لا يكادون يجمعونه، ألا ترى أنه قال: {وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [الفرقان: 14] فلم يجمعه، وهو كثير. والقُرَّة: مصدر، تقول: قَرَّت عينُك قُرَّةً (¬4).
¬__________
= / 353، ونسبه للعجاج. وكذا في "لسان العرب" 4/ 454 (صرر)، وفيه: وصواب إنشاد بيت العجاج: جذبُ برفع الباء؛ لأنه فاعل لفعل في بيت قبله.
(¬1) في "لسان العرب" 4/ 454 (صرر): وكان أبو علي يقول: صراءٌ واحد، مثل: حُسَّانٍ للحَسَن.
(¬2) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 353، بنصه، ونسب البيت للفرزدق، وعزاه المحقق لديوانه 1/ 388، وأنشده في "لسان العرب" 4/ 454 (صرر)، منسوبًا للفرزدق؛ وفيه: أشاربُ خمرة. وفيه: ولا حجة لأبي علي في هذا البيت؛ لأن الصراري الذي هو عنده جمع، بدليل قول المسيب بن عَلَس، يصف غائصًا أصاب درة:
وترى الصراري يسجدون لها ... ويضمهما بيديه للنحر
(¬3) {قُرَّة أَعْيُنٍ} كل ما تقر به عين الإنسان، ومعنى ذلك: أن الرجل إذا فرح بالشيء خرج من عينه ماء بارد، وهو القَرُّ، وإذا اغتم وبكى خرج من عينه ماء ساخن، فيقال: سخن الله عينه، إذا دعوا عليه، وإذا دعوا له: أقر الله عينه، ويقال: معنى أقر الله عينه، أي: غنم، وقيل: أقر الله عينه، أي: بلغه الله مراده حتى تقر عينه فلا تطمح إلى شيء وتستقر. "إعراب القراءات السبع وعللَّها" 2/ 128.
(¬4) "معاني القرآن" للفراء 2/ 274. بنصه. قال الألوسي 19/ 52: اختير الأعين جمعاً للعين الباصرة، والعيون جمعاً للعين الجارية، في جميع القرآن الكريم.

الصفحة 611