كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

قوله: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: 11]، ومن خفف فحجته قوله: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (¬1) [مريم: 59].
وقال الفراء: التخفيف أعجب إلي؛ لأن القراءة لو كانت على التشديد، كانت بالباء؛ لأنك تقول: فلان يُتَلقَّى بالسلام والخير (¬2). وهذا الذي قاله ينتقض بقوله: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا}؛ لأنه بغير الباء على أن قال: وكل صواب: يُلَقَّونه، ويُلَقَّون به (¬3).
وقوله: {فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا} قال ابن عباس: التحية والسلام، من عند الرحمن (¬4). وقال الكلبي: يحيي بعضهم بعضًا بالسلام، ويرسل إليهم الرب بالسلام (¬5).
وقال مقاتل: {تَحِيَّةً} يعني: السلام {وَسَلَامًا} يقول: سلم الله لهم أمرهم وتجاوز عنهم (¬6).
¬__________
(¬1) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 354.
(¬2) "معاني القرآن" للفراء 2/ 275. وهو اختار ابن جرير 19/ 54، وأورد كلام الفراء، ولم ينسبه. قال أبو علي: لقي: فعل متعد إلى مفعول واحد، فإذا نقل بتضعيف "العين" تعدى إلى مفعولين، فقوله: {تَحِيَّةً} المفعول الثاني، من قولك: لقَّيت زيداً تحية، فلما بنيت الفعل للمفعول قام أحد المفعولين مقام الفاعل، فبقي الفعل متعديًا إلى مفعول واحد. "الحجة للقراء السبعة" 5/ 354. واختار ابن خالويه، قراءة التشديد؛ لما فيها من التكثير، "إعراب القراءات السبع وعللَّها" 2/ 128.
(¬3) "معاني القرآن" للفراء 2/ 275. وقد ذكر رأيه ورد عليه بأوسع مما ذكر الواحدي, النحاس، في "إعراب القرآن" 3/ 169.
(¬4) أخرج ابن أبي حاتم 8/ 2744، عن سعيد بن جبير: تتلقاهم الملائكة بالتحية، والسلام. وقال به أيضًا مجاهد، أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2744.
(¬5) "تنوير المقباس" ص 306، بمعناه. وهو في "الوسيط" 3/ 349، غير منسوب.
(¬6) "تفسير مقاتل" ص 47 ب. وحكى الماوردي 4/ 162، عن الكلبي: يحيي بعضهم بعضاً بالسلام.

الصفحة 618