كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

الآيتين فقال: هذه تارات (¬1) يوم القيامة (¬2).
وأجاب في رواية سعيد بن جبير يحمل آية التساؤل على أن ذلك في الجنة فقال: إنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون (¬3).
قال أبو علي: لا يجوز أن يكون "إذا" نصبا بـ"نُفِخَ" ولا بقوله: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} لأن ما بعد "لا" لا يعمل فيما قبلها، فإذا لم يجز نصبه على هذين انتصب بفعل مضمر يُفسره ويدل عليه قوله: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ}، على تقدير: تنقطع الأنساب إذا نفخ في الصور، أو لا تنفع الأنساب وما أشبه ذلك. وشرح هذه المسألة أن يذكر عند قوله: {إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: 7] الآية.
¬__________
(¬1) تارات: جمع تارة، وهي الحين والمرّة. والمراد أحوال يوم القيامة مرة بعد مرة وحينًا بعد حين. انظر: "القاموس المحيط" 1/ 381.
(¬2) لم أجده بهذا اللفظ، وقد روى البخاري في "صحيحه" (كتاب التفسير- سورة حم، السجدة 8/ 555 - 556)، والطبري في الكبير 10/ 301 - 302 من طريق المنهال بن عمرو عن سعيد قال: قال رجل لابن عباس: إني أجد في القرآن أشياء تختلف عليّ، قال: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ}، {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} ... فقال ابن عباس: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} في النفخة الأولى، ثم ينفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون، ثم في النفخة الآخرة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.
وروى سعيد بن منصور في "تفسيره" (ل 157 أ) من طريق أبي إسحاق الأشجعي عن ابن عباس أنه سُئل عن الآيتين فقال: إنها مواقف، فأما الموقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة الأولى لا أنساب بينهم فيها إذا صعقوا، فإذا كانت النفخة الآخرة فإذا هم قيام يتساءلون.
ورواه الطبري 18/ 54 من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: بمعناه.
(¬3) رواه الطبري 18/ 54، والحاكم في "مستدركه" 2/ 395 من رواية المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.

الصفحة 69