كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

وقال أبو عبيدة: سِخريًّا يسخرون منهم، وسُخريًّا يسخرونهم (¬1).
وهذا قول الحسن وقتادة، قالا: ما كان من العُبُودة (¬2) فهو بالضم، وما كان من الهزء فهو بالكسر (¬3).
وذكر الزجاج أن الضم والكسر واحد في معنى الهزء (¬4). وقال -من عند نفسه-: الكسر أحسن لاتباع الكسر (¬5).
قال أبو علي: القراءة بكسر السين أرجح من قراءة من ضَمّ؛ لأنه من الهزء، والأكثر في الهُزء كسر السين فيما حكوه. ونرى (¬6) أنَّه إنّما كان أكثر لأنَّ السَّخّر مصدر سَخِرْتُ. حكاه أبو زيد (¬7).
وفَعَلٌ وفعلٌ يكونان بمعنى، نحو: المثل والمثل والشَّبَه والشَّبْه، فكذلك السَّخَر والسّخْر إلا أنَّ المكسورة أُلزمت ياء النسب دون المفتوحة كما اتفقوا في القسم على الفتح في: لعمر (¬8) الله، ولم يخرج مع إلحاق ياء
¬__________
(¬1) قول أبي عبيدة في "الحجة" 5/ 303. وهو في "مجاز القرآن" 2/ 62 مع اختلاف في العبارة.
(¬2) في (أ): (المعبودة)، وهو خطأ. وفي الحجة: العبودية. قال ابن منظور في "لسان العرب" 3/ 270 (عبد): يقال: فلان بين العُبودة والعبودية.
(¬3) قولهما في الحجة للفارسي 5/ 303. وذكره عنهما النحاس في "معاني القرآن" 4/ 488 - 489، وابن الجوزي 5/ 493.
(¬4) قال الزجاج في "معانيه" 4/ 24 بعد حكايته قول بعض أهل اللغة أن ما كان من الاستهزاء فهو بالكسر وما كان من جهة التسخير فهو بالضم: وكلاهما عند سيبويه والخليل واحد.
(¬5) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 24.
(¬6) في (أ): (وقرئ): وفي الحجة: وترى.
(¬7) لم أجده في "النوادر" لأبي زيد، فعل أبا علي نقله من كتاب آخر لأبي زيد.
(¬8) في (أ): (لعمرو).

الصفحة 78