النسب عن حكم المصدر، يدلك على ذلك قوله: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا} (¬1) فأفرد (¬2)، وقد جرى على الجمع كما تفرد المصادر، فكأنَّ ياء النسب لم يقع بها (¬3) اعتداد في المعنى، كما لم يُعتدّ بها (¬4) ولم يكن حكم للنسب في نحو: أحمر وأحْمري ودؤاري (¬5)، فكانت ياء النسب في حكم الزيادة كـ (لا) في قوله: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: 29].
وقال الأخفش: سخري إذا أردت من سخرتُ به ففيه لغتان: الضم والكسر (¬6). والتي يراد بها السُّخْرة فالضم لا غير، ومن ثمَّ اتفقوا على الضم في التي في الزخرف. وقولهم (¬7): اتخذت فلانا سُخريّا وسُخْرة السُّخري مصدر وسُخْرة (¬8) ليست بمصدر في الهزء ولكنه كقولهم: ضُحْكَةٌ وهُزْأةٌ إذا كان يُضْحك منه. وأما وجه الضم إذا كان من الهزء فإن سَخَرًا فَعَل، وفَعَل وفُعْل (¬9) يتعاقبان علي الكلمة كالحزن والحزن والبخل والبخل (¬10)، كما كان فَعَلٌ وفِعْلٌ كذلك، إلا أنَ المضموم خُصَّ (¬11) بالنسب كما خُصَّ
¬__________
(¬1) في جميع النسخ: (اتخذتموهم).
(¬2) في (ع): (فرد).
(¬3) في (ع): (بعدها). وفي الحجة: به.
(¬4) في الحجة: به.
(¬5) في (ع): (ودرار ودراري).
(¬6) كلام الأخفش ليس في معاني القرآن، وإنَّما هو في "الحجة" لأبي علي 5/ 305.
(¬7) في الحجة: فأما ما حكاه أبو زيد من قوله ...
(¬8) في (أ): (سخر).
(¬9) (وفعل) الثانية: ساقطة من (ظ)، (ع).
(¬10) في (أ)، (ظ): (الحِل والحل). مهملة.
(¬11) في (أ): (حض).