كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

المكسور به وبقي على حكم المصدر كما بقي عليه المكسور. وإذا ثبت هذا فقوله (سخريا) في القراءتين جميعًا مصدر وصف به ولذلك أفْرد (¬1).
قال ابن عباس -في هذه الآية-: يريد يستهزئون بهم.
وقال مقاتل: إنّ رؤوس كفار قريش كانوا يستهزئون من بلال وعمار وخَبَّاب وصهيب وسالم وفقراء العرب، ازْدَرَوْهُم (¬2).
قوله: {حَتَّى أَنْسَوْكُمْ} يريد تركتم موعظتي.
وقال مقاتل: ترككم الاستهزاء لا تؤمنون بالقرآن (¬3).
قال أبو علي: {أَنْسَوْكُمْ} يجوز (¬4) أن يكون منقولًا من الذي بمعنى الترك، ويمكن أن يكون (من) (¬5) الذي هو خلاف الذكر، واللفظ على أنهم فعلوا بكم النسيان، والمعنى: أنكم أنها المتخذون عبادي سُخْريا نسيتم ذكري باشتغالكم باتخاذكم إيّاهم سخريا وبالضحك منهم. أي: تركتموه من أجل ذلك، فنسب الإنساء إلى عبادِه المخلصين وإن لم يفعلوه لما كانوا كالسبب لإنسائهم، وهذا كقوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} [إبراهيم: 36] فنسب الإضلال إلى الأصنام لما كانت سببًا في الإضلال (¬6).
¬__________
(¬1) "الحجة" لأبي علي الفارسي 5/ 303 - 305 مع تقديم وتأخير وتصرّف. وانظر: "علل القراءات" للأزهري 2/ 441 - 442، "إعراب القراءات السبع وعللها" لابن خالويه 2/ 95، "حجة القراءات" ص 492، "الكشف" لمكي 2/ 131.
(¬2) "تفسير مقاتل" 2/ 33 ب.
(¬3) "تفسير مقاتل" 2/ 33 ب.
(¬4) في (أ): (ويجوز).
(¬5) زيادة من الحجة.
(¬6) "الحجة" لأبي علي الفارسي 2/ 191 - 192 عند كلامه على قوله "أو ننسها" [البقر ة: 106].

الصفحة 80