كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

111 - قوله تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا} قال ابن عباس والمفسرون: بما صبروا على أذاكم واستهزائكم (¬1).
{أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} وقرئ (¬2) "إنَّهم" بالكسر (¬3).
فمن فتح كان على معنى: جزيتهم لأنَّهم هم الفائزون. ويجوز أن يكون "أنَّهم" (¬4) في موضع المفعول الثاني لجزيت؛ لأنَّ جزيت يتعدّى إلى مفعولين، قال الله تعالى {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان: 12]. والتقدير: جزيتهم اليوم بصبرهم الفوز. ومن كسر استأنف وقطعه (¬5) مما قبله، والمعنى: إنِّي جزيتهم اليوم بما صبروا، ثم أخبر فقال: {أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ}. ومثل هذا في الكسر والاستئناف والاتباع لما قبله: لبيك إن الحمد والنعمة لك وإن الحمد (¬6).
وهذا الذي ذكرنا معنى قول الفراء والزجاج (¬7).
¬__________
(¬1) ذكره البغوي 5/ 431، وابن الجوزي 5/ 494 ولم ينسباه لأحد. وانظر: "الطبري" 18/ 61، والثعلبي 3/ 65 ب.
(¬2) في (ظ): (قرئ).
(¬3) قرأ حمزة، والكسائي: "إنَّهم" بكسر الألف. وقرأ الباقون بفتحها. "السبعة" ص 448 - 449، "التَّبْصرة" ص 271، "التيسير" ص 160.
(¬4) في (ظ): (أنَّهم هم).
(¬5) في (ظ): (فقطعه).
(¬6) من قوله: (فمن فتح إلى هنا) هذا كلام أبي علي في الحجة 5/ 306 عدا قوله: "والمعنى: إني جزيتهم ... الفائزون". فإنه كلام أبي إسحاق الزجاج في "معاني القرآن" 4/ 24.
وانظر: "علل القراءات" للأزهري 2/ 442 - 443، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 492 - 493، و"الكشف" لمكي 2/ 131 - 132.
(¬7) انظر: "معاني القرآن" للفراء 2/ 243، و"معاني القرآن" للزجاج 4/ 24.

الصفحة 81