كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 16)

والنكرة (¬1) إنما توصل ثم يخبر عنها بخبر سوى الصلة. قال: رجل (¬2) أعجب إليّ رجل لا يقوم. ويقبح أن تقتصر على صلتها وتجعلها الخبر كقولك: رجل ضربته؛ إذ (¬3) كنت كالمنتظر بعد الصلة ويحسن في الجواب؛ لأنَّ القائل يقول لك: من في الدار؟ فتقول: رجل (¬4).
وقال المبرّد: {سُوَرُةُ} رفع على خبر الابتداء، لا على الابتداء لأنَّها نكرة، وتأويله: هذه سورة أنزلناها، ونظير ذلك قولك: رجلٌ والله، أي هذا رجلٌ، وذلك إذا قلت: خير، عند قول القائل: ما أمرك؟ فإنما التقدير: هو خير، أو: أمري خير. وذلك قول القائل عند شدة البرد والحر: برد شديد وحر شديد (¬5).
وقال الزَّجاج: وجه الرفع: هذه سورة أنزلناها. ورفعها بالابتداء قبيح، لأنها نكرة و {أَنْزَلْنَاهَا} صفة لها (¬6).
قوله {وَفَرَضْنَاهَا} قرئ بالتخفيف والتشديد (¬7).
قال أبو إسحاق: من خفف فمعناها: ألزمناكم العمل بما فرض فيها.
¬__________
(¬1) عند الفراء: وقبح تقديم النكرة قبل خبرها أنها توصل ثم يخبر عنها.
(¬2) (رجل) ساقطة من (ع).
(¬3) في (ظ)، (ع): (إذا).
(¬4) "معاني القرآن" للفراء 2/ 244 مع اختلاف وتصرّف.
(¬5) ذكره القرطبي في "تفسيره" 12/ 158 عن المبرد باختصار.
(¬6) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 27. وفيه: فأما ارفع فعلى إضمار هذه سورة. وقد تقدّم ذكر قول السمين في بيان المسوّغ للابتداء بالنكرة.
(¬7) قرأ ابن كثير وأبو عمرو (وفرَّضْناها) بالتشديد، وقرأ الباقون بالتخفيف (وفَرَضْناها). انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص 452، و"التيسير" للداني ص 161 و"الغاية" للنيسابوري ص 217، و"النشر" لابن الجزري 2/ 330.

الصفحة 92