ومن قرأ بالتشديد فهو على التكثير على معنى: إنما فرضنا فيها فروضًا. ويجوز أن يكون على معنى: بينَّا وفصلنا ما فيها من الحلال والحرام (¬1).
وذكرنا معنى الفرض في اللغة عند قوله {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: 197].
وقال أبو علي: معنى {وَفَرَضْنَاهَا} فرضنا فرائضها أي الفرائض المذكورة فيها (¬2) فحذف المضاف. والتخفيف يصلح للقليل والكثير، ومن حجة التخفيف قوله {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} [القصص: 85]، والمعنى: أحكام القرآن وفرائض القرآن، كما أن التي في هذه السورة كذلك. والتثقيل في {وَفَرَضْنَاهَا} لكثرة ما فيها من الفرائض (¬3).
قال ابن عباس في رواية مجاهد في قوله {وَفَرَضْنَاهَا}: بيناها (¬4) (¬5).
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 27 والعبارة فيه: ومن قرأ بالتشديد فعلى وجهين، أحدهما على معنى أنا فرضنا .. ، وعلى معنى بينا وفضَّلنا.
(¬2) هذا الكلام المعترض من كلام الواحدي. وقد تقدم ذكر قول السمين في بيان المسوّغ للابتداء بالنكرة.
(¬3) "الحجة" لأبي علي الفارسي 5/ 309 مع تقديم وتأخير. وقيل التشديد للمبالغة في الإيجاب وتوكيدًا.
وانظر في توجيه القرائتين أيضًا: "علل القراءات" للأزهري 2/ 445، "إعراب القراءات السبع وعللها" لابن خالويه 2/ 98، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 494، "البحر المحيط" 6/ 427، و"الدر المصون" 8/ 379.
(¬4) بيناها: ساقطة من (ع). وبدلًا منها: يعني الأمر. وهو انتقال نظر من الناسخ.
(¬5) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 5 ب من طريق مجاهد عن ابن عباس به. وانظر: "تغليق التعليق" 4/ 263 - 264
ورواه الطبري في "تفسيره" 18/ 66 من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، به.