كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 17)

وقال في قوله: {أَحَسِبَ النَّاسُ} اللفظ لفظ استخبار، والمعنى معني تقرير وتوبيخ، ومعناه: أحسبوا بمعنى الذين جزعوا من أذى المشركين أن نقنع منهم بأن يقولوا: إنا مؤمنون فقط، ولا يمتحنون بما يتبين به حقيقة إيمانهم (¬1).
وقوله: {أَنْ يُتْرَكُوا} (أن) في موضع نصب بحَسِب.
وقوله: {أَنْ يَقُولُوا} (أن) في موضع نصب من جهتين؛ ذكرهما الفراء والزجاج؛ إحداهما أن التقدير: {أَنْ يُتْرَكُوا} لأن يقولوا أو بأن يقولوا، فلما حذف حرف الخفض وصل {يُتْرَكُوا} إلى أن فنصب.
والثانية: أن تجعل {أَحَسِبَ} مكررة عليها، المعنى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} أحسبوا (¬2) {أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (¬3) قال أبو إسحاق: الأولى أجود (¬4).
قال أبو علي: إن تَرَك، يتعدَى إلى مفعول واحد، فإنْ بُنِيَ للمفعول لم يتعدَّ إلى آخَر، فـ {أَنْ يَقُولُوا} لا يتعلق به ولا يتعدى إليه، حتى يقدر محذوفٌ (¬5) حرفٌ، ثم يُقدَّرُ الحرفُ فيصل الفعل (¬6).
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 159.
(¬2) أحسبوا. زيادة من الفراء.
(¬3) "معاني القرآن" للفراء 2/ 314. التقدير على هذا القول: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} أحسب الناس {أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا} وجملة {وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} متعلقة بالحالين: الترك، والقول. والله أعلم.
(¬4) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 159.
(¬5) محذوف، من نسخة: (ب).
(¬6) "الإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني" 2/ 221 أ. والحرف المقدر هو ما سبق ذكره في قول الفراء والزجاج: لأن يقولوا، أو: بأن يقولوا.

الصفحة 488