كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 17)

{إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} عن أعمالهم وعبادتهم.

7 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} قال ابن عباس: يريد ما عملوا في الشرك. يريد: لَيُبْطِلها حتى تصير بمنزلة من لم يعمل {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا} قال مقاتل: نجزيهم بإحسانهم ولا نجزيهم بمساوئهم (¬1). والمعنى: لنجزيهم بأحسن أعمالهم؛ وهو ما أمرناهم به من الطاعة (¬2).
8 - وقوله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} قال الأخفش: هو على: ووصيناه بحسن، وقد تقول العرب: وصيته خيرًا، أي: وصيته بخير (¬3). وقال غيره: هو بمعنى: ألزمناه حسنًا، أو وصيناه أن يفعل حسنًا (¬4). قال أبو إسحاق: معناه: ووصينا الإنسان أن يفعل بوالديه ما يحسن (¬5).
قال المفسرون: نزلت في سعد بن أبي وقاص، واسم أبي وقاص: مالك، لما هاجر قالت أمه: والله لا يظلني ظل بيت حمَى ترجع إلى ما كنت عليه، فحثَّ الله سعدًا على البر بأمه، ونهاه أن يطيعها في الشرك؛ وهو قوله: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (¬6) أي: لتشرك بي شريكًا
¬__________
(¬1) "تفسير مقاتل" 71 أ.
(¬2) "تفسير الثعلبي" 8/ 156 أ.
(¬3) "معاني القرآن" للأخفش 2/ 655.
(¬4) قال ابن جرير 20/ 131: وقال بعض نحوي الكوفة: معنى ذلك: ووصينا الإنسان أن يفعل حسنًا، ولكن العرب تسقط من الكلام بعضه إذا كان فيما بقي دلالة على ما سقط. وذكر هذا القول الثعلبي 8/ 156 أ، ونسبه لأهل الكوفة.
(¬5) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 161.
(¬6) أخرج سبب نزول هذه الآية مسلم في "صحيحه" 4/ 1877، كتاب: فضائل الصحابة، رقم (1748) بعد حديث رقم (2412). وأخرجه كذلك أبو يعلى =

الصفحة 495