كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 17)

وقال المبرد: {اتَّبِعُوا} أمر {وَلْنَحْمِلْ} معطوف عليه، وإنما أمروهم ثم عادوا فأمروا أنفسهم، ولا تحذف اللام إلا من الأمر المواجهة وما سوى ذلك فلابد من اللام، تقول: قم وليقم زيد (¬1). وهذا وجه غير ما ذكره الفراء والزجاج؛ وهو أحسن.
قال الله تعالى: {وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ} معناه: من شيء يخفف عن المحمول عنه العذاب (¬2) {إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} قال ابن عباس: يريد: إنهم ليعدونهم الباطل.

13 - {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ} قال مقاتل: أوزارهم التي عملوها {وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} وأوزارهم لقولهم للمؤمنين: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا} (¬3)، وهذا كقوله: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25] قاله مقاتل وابن عباس ومجاهد (¬4).
قال قتادة في هذه الآية: من دعا قومًا إلى ضلالة فعليه مثل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا (¬5)؛ وهو معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم
¬__________
(¬1) أراد المبرد بقوله: الأمر المواجهة: صيغة الأمر الصريحة الأصلية التي يلزم منها حضور المأمور الموجه إليه الخطاب، كقولك: قم يا زيد، فإن كان الأمر بغيرها كالأمر بالمضارع لزم دخول اللام الدالة على الأمر كقولك: ليقم زيد. والله أعلم.
(¬2) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 162، بنصه.
(¬3) "تفسير مقاتل" 71 ب.
(¬4) أخرجه ابن جرير 20/ 135، عن ابن زيد، وفيه ذكر آية النحل. وذكره مقاتل 71 ب، دون ذكر آية النحل.
(¬5) أخرجه عبد الرزاق 2/ 96، وابن أبي حاتم 9/ 3040. وذكره ابن قتيبة، "غريب القرآن" (337).

الصفحة 502