كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 17)

وبدأ خلقها يُنشؤها نشأة ثانية (¬1). وأكثر القراء. {النَّشْأَةَ} بالقصر. وقرأ أبو عمرو بالمد (¬2)، والأحسن القصر؛ يقال: نَشَأَ ينشأ نَشئًا ونشأة، ولم يذكر أبو زبد وأبو عبيدة المد (¬3)، وذكره الفراء؛ فقال: هو كما تقول العرب: الرأفة والرآفة، والكأْبة والكآبة، كلٌ صواب (¬4).

22 - وقوله تعالى: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} اختلفوا في تقدير الآية على وجهين، فقال الفراء: يقول القائل: كيف وَصَفهم بأنهم لا يُعجزون في الأرض ولا في السماء، وليسوا من أهل السماء فالمعنى والله أعلم: ما أنتم (¬5) بمعجزين في الأرض، ولا مَنْ في السماء بمعجز، وهو من غامض العربية؛ للضمير الذي لم يظهر في الثاني، ومنه قول حسان:
أمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحُهُ وينصرُه سواءُ (¬6)
أراد: ومن يمدحه ومن ينصرهُ فأضمر.
ومثله في الكلام: أكرم من أتاك، وأتى أباك؛ يعني: وأكرم مَنْ أتى
¬__________
(¬1) "تفسير مقاتل" 72 أ، بمعناه.
(¬2) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: [النَّشَاءَةَ] ممدودة في كل القرآن، وقرأ الباقون بالقصر. "السبعة في القراءات" 498، و"الحجة للقراء السبعة" 5/ 427، و"إعراب القراءات السبع وعللها" 2/ 183، و"النشر في القراءات العشر" 2/ 343.
(¬3) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 427، بتصرف.
(¬4) "معاني القرآن" للفراء 2/ 315.
(¬5) أنتم، غير موجودة في نسخة: (أ)، (ب).
(¬6) "معاني القرآن" للفراء 2/ 315. ونسب البيت لحسان، وعن الفراء أنشده ابن جرير 20/ 140. وهو في "ديوانه" 9، من قصيدة له في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم-، قبل فتح مكة. بلفظ: فمن يهجو.

الصفحة 509