كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 17)

أباك (¬1). وهذا موافق لتفسير ابن عباس والكلبي، قال ابن عباس: يريد: لا يُعجزني أحدٌ من أهل الأرض، ولا من أهل السماء (¬2). وقال الكلبي: يقول: وما أنتم بسابقي في الأرض هربًا, ولا أحدٌ من أهل السماء سابقي (¬3). وهذا وجه.
والوجه الثاني: قال قطرب: معناه: ولا في السماء لو كنتم فيها، كقوله: ما يفوتني فلان بالبصرة، ولا هاهنا في بلدي. يعني: ولا بالبصرة لو صار إليها (¬4). وهذا الوجه موافق لتفسير مقاتل؛ فإنه يقول في معنى الآية: وما أنتم يا كفارُ سابقي الله فتفوتونه؛ في الأرض كنتم، أو في السماء كنتم، أينما تكونوا حتى يجزيكم بأعمالكم السيئة (¬5).
وذكر أبو إسحاق القولين موجزًا؛ فقال: معناه: ما أنتم بمعجزين في الأرض، ولا أهل السماء بمعجزين. ويجوز: وما أنتم بمعجزين في الأرض، لا ولو كنتم في السماء. أي: لا ملجأ من الله إلا إليه (¬6). {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ} يمنعكم منِّي {وَلَا نَصِيرٍ} ينصركم من عذابي. قاله ابن عباس (¬7).
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للفراء 2/ 315. ونحوه عند ابن قتيبة، في "تأويل مشكل القرآن" 217، و"غريب القرآن" 338.
(¬2) أخرج نحوه ابن جرير 20/ 139، وابن أبي حاتم 9/ 3047، عن ابن زيد.
(¬3) "تنوير المقباس" 333، مثل قول ابن عباس.
(¬4) ذكره عن قطرب ابن الجوزي، "زاد المسير" 6/ 266. وهو قول الأخفش؛ قال: أي: لا تعجزوننا هربًا في الأرض ولا في السماء. "معاني القرآن" 2/ 656.
(¬5) "تفسير مقاتل" 72 أ.
(¬6) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 165.
(¬7) "تنوير المقباس" 334، بنحوه.

الصفحة 510