كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 17)

من الأنصار على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الخمس، ثم لا يدع شيئًا من الفواحش إلا رَكِبَه فوُصِف لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حالُه؛ فقال: "إن صلاته تنهاه يومًا ما" فلم يلبث أن تاب وحسن حاله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألم أقل لكم: إن صلاته تنهاه" (¬1).
وروى السدي عن أصحابه في قوله: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} قال: الرجل يصلي الصلاة فيحسنها ثم يهم أن يعمل الخطيئة فيذكر صلاته، فيقول: لا أفسد صلاتي.
وفي الآية قول ثانٍ؛ قال مقاتل: إن الإنسان ما دام يصلي لله فقد انتهى عن الفحشاء والمنكر، لا يعمل بهما ما دام يصلي حتى ينصرف (¬2). وهو قول الكلبي وابن عون (¬3)؛ قالا: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ما كان فيها (¬4)؛ لأنه إن فعل شيئًا من هذين بطلت صلاته. واختار ابن قتيبة
¬__________
(¬1) ذكره الثعلبي 8/ 160 أ، بنصه، عن أنس بن مالك، يرفعه. قال عنه الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف 3/ 46: غريب. وأما ابن حجر فقال: لم أجده. "الكافي الشاف" 3/ 443، بحاشية الكشاف. لكن يشهد لمعنى هذا الحديث حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قيل له: إن فلانًا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق! قال: "سينهاه ما تقول، أو قال: ستمنعه صلاته". أخرجه الإمام أحمد 15/ 483، رقم (9778)، ط: الرسالة، وقال محققو المسند: إسناده صحيح. وأخرجه أيضًا ابن الجعد في "مسنده" (306)، رقم (2069)، بلفظ: ستنهاه قراءته. وأخرجه ابن حبان، "الإحسان" 6/ 300، رقم الحديث (2560). وصحح إسناده الألباني، "سلسله الأحاديث الضعيفة" 1/ 16، عند كلامه على الحديث رقم (2).
(¬2) "تفسير مقاتل" 73 ب.
(¬3) "تفسير مقاتل" 73 ب.
(¬4) أخرجه عبد الرزاق 2/ 97، عن الكلبي. و"تنوير المقباس" 336. وأخرجه ابن =

الصفحة 533