كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 17)

قال مجاهد: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يخط بيمينه، ولا يقرأ كتابًا، فنزلت هذه الآية (¬1).
وقوله: {إِذًا} قال الفراء: ولو كنت تتلو {لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} (¬2) قال ابن عباس: لشك الكافرون (¬3). قال مجاهد يعني: قريشًا (¬4). وهو قول قتادة (¬5). ومعنى الآية: لو كنت تكتب وتقرأ الكتب قبل الوحي إذًا لشكوا؛ وقالوا هذا شيء تعلَّمه محمد وكتبه (¬6).
وقال مقاتل: يعني: كفار اليهود يقول: إذًا لشكوا فيكَ، وقالوا: إن الذي نجدُ في التوراة نعتَه هو: أمي لا يقرأ الكتاب، ولا يكتب، ولا يخطه بيمينه (¬7).
وهذا هو القول؛ لأن أهل الكتاب كانوا يعرفون النبي -صلى الله عليه وسلم- بنعته وصفته حقًا يقينًا، وإنما يجحدون نبوتَه بعد اليقين، ويكفرون بالجحد، فلو كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كاتبًا قارئًا لكان بغير النعت الذي يعرفوه، وكانوا يشكون. وأما الكفار فإنهم ما عرفوه بالنبوة، وكانوا شاكين مع كونه أميًّا، وإذا كان كذلك
¬__________
(¬1) أخرج ابن جرير 21/ 5، وابن أبي حاتم 9/ 3071. كلاهما بالإثبات: كان أهل الكتاب يجدون، وفي النسختين بالنفي: كان أهل الكتاب لا يجدون. والأقرب الإثبات؛ لما فيه من إقامة الحجة عليهم بما في كتبهم. والله أعلم.
(¬2) "معاني القرآن" للفراء 2/ 317.
(¬3) "تنوير المقباس" 336.
(¬4) أخرج ابن جرير 21/ 5، وابن أبي حاتم 9/ 3071. واقتصر على هذا القول الزجاج 4/ 171، ولم ينسبه.
(¬5) ذكره عنه الماوردي، بلفظ: مشركو العرب. "النكت والعيون" 4/ 287.
(¬6) "غريب القرآن" لابن قتيبة 338. و"تفسير الثعلبي" 8/ 161 ب.
(¬7) "تفسير مقاتل" 74 أ.

الصفحة 540