كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 17)

فلا معنى لقوله: {إِذًا لَارْتَابَ} مع كونهم مرتابين؛ ووجهه ما قال الفراء: أي: لَكان أشدَّ لِريبة من كذَّب مِن أهل الكتاب (¬1). فحُمل قوله: {لَارْتَابَ} على زيادة الريبة، على قول مجاهد. والمعنى: أن المشركين كانوا شاكين في نبوته، مع أنه يخبرهم بقصص الماضين، من غير أن يقدر على كتابة وقراءة، فلو كان قارئًا كاتبًا لاشتد ارتيابهم، وقالوا: إنما تعلمه وقرأه من كتاب.
وتفسير الآية: أي: الذي يأتي بالباطل، يقال: أبطل فلان: إذا كذب وادعى غير الحق (¬2). وكلُّ من ادعى دينًا غيرَ الإسلام فهو مبطل.

49 - قوله تعالى {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} قال الحسن: القرآن آيات بينات. {فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} يعني: المؤمنين (¬3).
وهو قول عبد الله بن عباس في رواية عطاء؛ يريد: الذين حملوا القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المهاجرين والأنصار، وحملوه من بعد النبي -عليه السلام-. وعلى هذا الكناية عن القرآن والكتاب بقوله: {هُوَ}.
وقال قتادة {بَلْ هُوَ} يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- و {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ} أهل العلم من أهل الكتاب؛ لأنهم يجدون في كتابهم نعته وصفته (¬4). وعلى هذا التقدير: بل هو ذو آيات بينات، فحذف المضاف، وذلك أن كونه بالنعت
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للفراء 2/ 317.
(¬2) كتاب "العين" 7/ 430 (بطل)، ونقله الأزهري، "تهذيب اللغة" 13/ 355.
(¬3) أخرجه عبد الرزاق 2/ 99، وابن جرير 21/ 6. وهو قول الفراء، "معاني القرآن" 2/ 317. وذكره الثعلبي 8/ 162 أ، ولم ينسبه.
(¬4) أخرجه عبد الرزاق 2/ 99، وابن جرير 21/ 5. وأخرجه ابن جرير 21/ 5، عن ابن جريج. وذكره الثعلبي 8/ 162 أ، عن ابن عباس.

الصفحة 541