كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 17)

[الأنعام: 37] وقد تقع آية على لفظ الواحد ويراد به كثرة؛ كما جاء: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [المؤمنون: 50] واختار أبو عبيد الجمع؛ لقوله: {قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ} (¬1) قال أبو علي: وهذا لا يكون دلالة على ترجيح القراءة بالجمع؛ لأنهم إنما اقترحوا آية فقيل: الآيات عند الله، أي: الآية التي اقترحتموها وآيات أُخر لم تقترحوها عند الله، وهو القادر على إرسالها، إذا شاء أرسلها، مع ما ذكرنا أن لفظ الواحد قد يراد به كثرة (¬2).
{وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} يريد: أُنذر أهلَ المعصية بالنار، وليست إنزال الآية بيدي. قال مقاتل: فلما سألوا الآية قال الله تعالى:

51 - {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} أي: أو لم يكفهم من الآيات القرآن {يُتْلَى عَلَيْهِمْ} فيه خبر ما قبلهم وما بعدهم {إِنَّ فِي ذَلِكَ} أي: في إنزال الكتاب عليك {لَرَحْمَةً} لمن آمن به وعمل به (¬3) {وَذِكْرَى} وتذكيرًا وموعظةً، {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} قال مقاتل: وكذبوا بالقرآن فنزل:
52 - {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا} (¬4) أي: الله شاهدًا بيننا أني رسوله (¬5)، وكفى هو شاهدًا {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وشهادة الله له إثباتُ المعجزة له بإنزال الكتاب عليه. {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ} قال
¬__________
(¬1) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 435، ولم يصرح باسم أبي عبيد، بل قال: وحجة الإفراد أن في حرف أُبي زعموا، وصرح بذكر أبي عبيد الثعلبي 8/ 162 أ.
(¬2) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 435.
(¬3) "تفسير مقاتل" 74 ب.
(¬4) "تفسير مقاتل" 74 ب.
(¬5) "تفسير الثعلبي" 8/ 162 أ.

الصفحة 543