كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 17)

العذاب ببدر على هذا القول، وهو قول عطاء عن ابن عباس. ودليل القول الأول قوله:

54 - {يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} أخبر أن ميعاد عذابهم جهنم، وأنها تحيط بجماعتهم، فلا تبقي منهم أحدًا إلا دخلها (¬1).
ثم أخبر أن تلك الإحاطة متى تكون، فقال:

55 - {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} قال ابن عباس: هذا مثل قوله: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: 41] وقوله: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ} الآية [الزمر: 16] (¬2).
وقوله: {وَيَقُولُ} الموكل بعذابهم، يقول لهم (¬3): {ذُوقُوا} ومن قرأ بالنون (¬4) فلأن ذلك لما كان بأمره سبحانه جاز أن يُنسب إليه. وجوازه على هذا المعنى؛ لأن القديم سبحانه لا يكلمهما (¬5).
¬__________
(¬1) "تفسير الثعلبي" 8/ 162 أ. وتفسير ابن جرير 21/ 8، بمعناه.
(¬2) "تفسير مقاتل" 74 ب، حيث ذكر الآية الثانية.
(¬3) يقول لهم مكررة في نسخة: (ب). وفي "تفسير مقاتل" 74 ب: يقول الخزنة لهم.
(¬4) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: {وَنَقُولُ} بالنون، وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي: {وَيَقُولُ} بالياء. "السبعة في القراءات" 501، و"الحجة للقراء السبعة" 5/ 436، و"النشر في القراءات العشر" 2/ 343.
(¬5) في إطلاق لفظ القديم على الله -عز وجل- خلاف؛ لكون لفظ القديم لم يرد في الكتاب ولا في السنة، ولم يتكلم به السلف من الصحابة والتابعين، وإنما سمى الله نفسه بالأول والآخر، وهو أبلغ لدلالته على القدم، وأنه لم يسبقه شيء، بل ولم يماثله شيء، وعلى ذلك فلا يصح إطلاق القديم على الله تعالى باعتبار أنه من أسمائه، وإن كان يصح الإخبار عنه بذلك؛ لأن باب الإخبار أوسع من باب الإنشاء. "مجموع الفتاوى" 1/ 245، و"حاشية لوامع الأنوار البهية" 1/ 38، من كلام =

الصفحة 545