كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 17)

{ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} بعد الموت فنجزيكم بأعمالكم (¬1). وهذا حث على الطاعة فيما أَمر به من الهجرة. ثم ذكر ثواب من هاجر فقال:

58 - {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا} قال ابن عباس: لنسكننهم غرف الدر والياقوت والزبرجد (¬2).
قال مقاتل: يعني لننزلنهم (¬3). وهذا يدل على صحة قراءة العامة: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} يقال: بوأت فلانًا منزلًا تبويئًا وتبوئة (¬4)، وذكرنا ذلك قديمًا (¬5).
وقرأ حمزة والكسائي: (لَنُثْوِيَنَّهُم) وهي قراءة عبد الله والأعمش (¬6)، يقال: ثوى بالمكان إذا أقام به (¬7)، ومنه قوله: {وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} [القصص: 45] أي: مقيمًا نازلًا فيهم، والثويَّ: الضيف لإقامته
¬__________
(¬1) "تفسير مقاتل" 75 أ.
(¬2) ذكره عنه الطبرسي "مجمع البيان" 7/ 455.
(¬3) "تفسير مقاتل" 75 أ. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 117. و"غريب القرآن" لابن قتيبة 338.
(¬4) "تهذيب اللغة" 15/ 595 (باء).
(¬5) قال الواحدي في تفسير قول الله تعالى: {أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا} [يونس: 87]: قال أبو علي: التبؤ: فعل يتعدى إلى مفعولين فعلى ما ذكر أبو علي يجوز أن تقول: تبوأت زيدًا مكانًا، أي: اتخذت له، ولم أو هذا لغيره؛ لأنه يقال: تبوأ المكان دارًا، فيعدونه إلى مفعولين كما ذكر، ويقال: تبوأ لزيد منزلًا، أي: اتخذه له، فلا يعدون لزيد إلا باللام.
(¬6) قرأ حمزة والكسائي: [لَنُثْوِيَنَّهُم] بالثاء، وقرأ الباقون: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} بالباء. "السبعة في القراءات" 502، و"الحجة للقراء السبعة" 5/ 438، وفيه ذكر قراءة الأعمش نقلها عن أبي الحسن. و"النشر في القراءات العشر" 2/ 344. وأخرج قراءة ابن مسعود: الفراء، "معاني القرآن" 2/ 318.
(¬7) قال ابن قتيبة: هو من: ثويت بالمكان، أي: أقمت به. "غريب القرآن" 338.

الصفحة 549