كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 17)

تُوصل فيه إلى إزالة المثلين بالبدل، ووجب ذلك في الثاني منهما، وهو الكثير العام في كلامهم؛ لأن التكرير وقع بها، هذا مذهب الخليل وسيبويه وأصحابهما (¬1)؛ إلا أبا عثمان فإنه ذهب في أن الحيوان غير مُبْدَل الواو؛ وأن الواو فيه أصل وإن لم يكن منه فِعْل، وشَبَّه هذا بقولهم: فَاظَ الميتُ يَفِيظُ فَيْظًا وفَوْظًا (¬2)، ولا يستعملون من فَوْظٍ فِعْلاً، فكذلك الحيوان عنده مصدر لم يُشتقَّ منه فِعل، بمنزلة فَوْظٍ؛ ألا ترى أنهم لا يقولون: فاظ يفوظ كما قالوا: فاظ يفيظ.
قال أبو علي: الذي أجازه أبو عثمان فاسد من قِبَل أنه لا يمتنع أن يكون في الكلام مصدر عينه: واو، وفاؤه: لام صحيحان؛ مثل: فَوْظٍ، وصَوْغٍ (¬3)، وقَوْلٍ، ومَوْتٍ، وأشباه ذلك، فأما أن يوجد في الكلام كلمة عينها: ياء، ولامها: واو فلا، فحمله الحيوان على فَوْظٍ خطأٌ؛ لأنه شَبَّه ما لا يوجدُ في الكلام بما هو موجود مطرد؛ وبهذا علمنا أن حَيْوةَ في مثل: رَجاء بن حَيْوة؛ أصله: حَيَّة وأن اللام إنما قلبت واوًا لضربٍ من التَوسُّع، وكراهةً لتضعيف الياء، ولأن الكلمة أيضًا عَلَم؛ والأعلام يَعْرِضُ فيها ما لا يعرض في غيرها؛ نحو: مَوْهَب ومَوْرَق، ومَوْظَب (¬4).
¬__________
= شخص من جسدك. "تهذيب اللغة" 13/ 295 (طلل).
(¬1) أصل الحيوان: حَييَان، فقلبت الياء التي هي لام الفعل واوًا استكراهًا لتوالي الحركات؛ هذا مذهب الخليل وسيبويه. "لسان العرب" 14/ 214 (حيا). وقول سيبويه في "الكتاب" 4/ 399.
(¬2) فاظ الميت، وفاظت نفسه: إذا خرجت. "تهذيب اللغة" 14/ 396 (فاظ).
(¬3) الصَّوغُ: مصدر صاغ يصوغ، والصَّياغة: الحرفة. "تهذيب اللغة" 8/ 158 (صاغ).
(¬4) "سر صناعة الإعراب" 1/ 153، بتصرف، وهو في "لسان العرب" 14/ 214 (حيا). وضبطت كلمة: مَوْرَق، هكذا في سر صناعة الإعراب، وهو اسم علم؛ منه: =

الصفحة 559