كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 18)

أعدائه. وقال مقاتل: يتفرقون بعد الحساب إلى الجنة والنار، فلا يجتمعون أبدًا (¬1). وقال الحسن: لئن كانوا اجتمعوا في الدنيا ليتفرقُن يوم القيامة؛ هؤلاء في أعلى عليين، وهؤلاء في أسفل السافلين (¬2). وكان قتادة يقول: فُرْقَةٌ والله لا اجتماع بعدها (¬3).
وقال أبو علي: يصيرون فرقة بعد فرقة من قوله: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7] وهذا إخبار عن الخلق المذكور في قوله: {يَبْدَأُ الْخَلْقَ} لأنه أراد المسلمين والكافرين جميعًا؛ يدل على ذلك أنه أخبر بمنزلة الفريقين فقال:

15 - {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} (¬4) قال الأخفش: يقال حَبَّره الله يُحَبِّره حَبْرًا، وهو محبور: مُكَرَّمٌ مُنَعَّمٌ (¬5).
قال ابن السكيت: يُسَرُّون (¬6). والحَبْرَة والحَبُور: السُّرور، وأنشد:
الحمد لله الذي أعطى الحَبْرَ (¬7)
¬__________
(¬1) "تفسير مقاتل" 77 ب.
(¬2) "الدر المنثور" 6/ 486، ونسبه لابن أبي حاتم 9/ 3089.
(¬3) أخرجه ابن جرير 21/ 27.
(¬4) "معاني القرآن" للزجاج 4/ 180، حيث قال: وفيما بعده دليل على أن التفرق للمسلمين والكافرين، فقال: {يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} ثم بين على أي حال يتفرقون فقال: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ}.
(¬5) لم أجد قول الأخفش في كتابه المعاني عند هذه الآية، ولا عند قوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف: 70]. ولم أجده في "تهذيب اللغة".
(¬6) ذكره عنه الأزهري، "تهذيب اللغة" 5/ 34 (حبر). وذكره ابن قتيبة، "غريب القرآن" 340، ولم ينسبه.
(¬7) قول ابن السكيت مع إنشاد البيت ونسبته للعجاج في "إصلاح المنطق" 252. =

الصفحة 26