كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 18)

النساء من نطف الرجال (¬1).
قوله تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} جعل بين الزوج والمرأة المودة والرحمة، فهما يتوادان ويتراحمان، وما شيء أحبَّ إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما. وهذا معنى قول مقاتل والمفسرين (¬2). وروى عطاء عن ابن عباس في قوله: {مَوَدَّةً} يعني: الجماع {وَرَحْمَةً} يعني: الولد. وهو قول الحسن (¬3).
¬__________
= إسحاق بأخذ هذه الأخبار عن أهل الكتاب، فقال: "أُلقي على آدم -عليه السلام- السِنة، فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم .. ". أخرجه ابن جرير 7/ 516.
وأما كون المرأة خلقت من ضِلَع فهذا ثابت في الصحيحين، من حديث أبي هريرة؛ ولفظه: استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا. البخاري، كتاب: النكاح، رقم (5185)، "فتح الباري" 9/ 252، ومسلم 2/ 1090، كتاب: الرضاع، رقم (1468)، وزاد: (وكسرها طلاقها). قال ابن حجر في شرحه لهذا الحديث: قوله: (فإنهن خلقن من ضلع) كأن فيه إشارة إلى ما أخرجه ابن إسحاق في المبتدأ، عن ابن عباس، أن حواء خلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائم. "فتح الباري" 9/ 253.
(¬1) لعله يعني مقاتل؛ حيث قال: {أَنْفُسِكُمْ} يعني: بعضكم من بعض. "تفسير مقاتل" 78 أ. وذكره الثعلبي 8/ 167 ب، ولم ينسبه. وذكر نحوه الماوردي عن علي بن عيسى. "النكت والعيون" 6/ 305.
والذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن لا تعارض بين هذه الأقوال، فالقول الأول يدل على أن الزوج من جنس الآدمي، وهو بهذا يتفق مع القولين بعده، وأفاد القول الثاني أن أجل خلق الأنثى زوج الذكر من ضلع -على ما سبق بيانه- وأفاد القول الثالث التكاثر والتناسل عن طريق النطف. والله تعالى أعلم.
(¬2) "تفسِير مقاتل" 78 أ. وتفسير ابن جرير 21/ 31.
(¬3) ذكره السيوطي، عن الحسن، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم. "الدر" 6/ 490.

الصفحة 34