كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 18)

يعني خلق بني آدم بدأ خلقهم ولم يكونوا شيئًا {ثُمَّ يُعِيدُهُ} يعني: يبعثهم في الآخرة أحياء بعد موتهم كما كانوا، قال: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (¬1). واختلفوا في هذا؛ فذهب كثير من أهل التفسير والمعاني أن {أَهْوَنُ} هاهنا بمعنى: هين، يقول: وهو هين عليه. وهذا قول الحسن، والربيع، وقتادة، والكلبي؛ قالوا: هو هين عليه، أول خلقه وآخره، وما شيء عليه بعزيز (¬2).
وهذا مذهب أبي عبيدة، وذكره المبرد والزجاج (¬3)؛ وقالوا: يجيء أفعل بمعنى الفاعل، وأنشد (¬4) لمعن بن أوس (¬5):
لعمرك ما أدري وإني لأَوجلُ
يعني لوجل (¬6).
¬__________
(¬1) "تفسير مقاتل" 78 ب.
(¬2) أخرجه ابن جرير 21/ 36، عن ابن عباس، وقتادة، والربيع بن خُثيم. وذكره الثعلبي 8/ 168 أ، عن الربيع بن خثيم، والحسن، وقال: وهو رواية العوفي عن ابن عباس. وذكره السيوطي عن الحسن، وعزاه لابن المنذر، "الدر المنثور" 6/ 491. و"تنوير المقباس" ص 340.
(¬3) "مجاز القرآن" 2/ 121، و"الكامل" 2/ 876. و"المقتضب" 3/ 246، و"معاني القرآن" للزجاج 4/ 183.
(¬4) هكذا في النسختين؛ ولعل الصواب: وأنشدوا.
(¬5) معن بن أوس بن نصر بن زياد المزنين شاعر فحل، من مخضرمي الجاهلية والإسلام، له مدائح في جماعة من الصحابة، رحل إلى الشام والبصرة، وكف بصره في أواخر أيامه. مات في المدينة. "خزانة الأدب" 7/ 261، "الأعلام" 7/ 273. وذكره ابن حجر في القسم الثالث؛ المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، ولم يرد في خبر قط أنهم اجتمعوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-. "الإصابة في معرفة الصحابة" 6/ 179.
(¬6) "مجاز القرآن" 2/ 121، وأنشد البيت كاملًا, ولم ينسبه، وعجزه: =

الصفحة 42