كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 18)

الآخرة فاعملوا لها، وما خلفكم من أمر الدنيا فاحذروها ولا تغتروا بما فيها من زهرتها (¬1).
وقال مجاهد: ما بين أيديكم ما يأتي من الذنوب، وما خلفكم ما مضى منها (¬2). وذكر أبو إسحاق على القلب من هذا فقال: ما بين أيديكم ومما أسلفتم من ذنوبكم، وما خلفكم وما تعملونه فيما تستقبلون (¬3).
وقوله: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} قال ابن عباس ومقاتل: لكي ترحموا (¬4).
وقال أهل المعاني: لتكونوا على رجاء رحمته، وهو قول أبي إسحاق (¬5).
وذكرنا هذا فيما تقدم أولاً (¬6)، وجواب إذا محذوف على التقدير: إذا قيل لهم هذا أعرضوا، يدل على هذا المحذوف قوله: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ} أي: عبرة ودلالة تدل على صدق محمد -صلى الله عليه وسلم- كاشتقاق (¬7) القمر وغيره من الآيات.

46 - وقوله: {إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} قال الفراء: (هذا جواب لقوله: {وَمَا تَأْتِيهِمْ}. وفيه جواب لقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُم}؛ لأن المعنى: إذا قيل
¬__________
(¬1) انظر: "بحر العلوم" 3/ 101.
(¬2) "تفسير مجاهد" ص 535.
(¬3) "معاني القرآن وإعرابه" 4/ 289.
(¬4) "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص 381، "تفسير مقاتل" 107 ب. وانظر: "مجمع البيان" 8/ 667.
(¬5) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 306.
(¬6) ذكر المؤلف رحمه الله ذلك عند تفسير للآية: 155 من سورة الأنعام، وهي قوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
(¬7) هكذا جاء في النسخ، وهو تصحيف، والصواب: كانشقاق القمر.

الصفحة 492